كانت بداية الدور الثاني بالأمس بين جمهورية التشيك والبرتغال محمسة للغاية لكل من يُتابع يورو هذا العام ذات النسق المجنون ، نسق مجنون فعلاً ولا يستمر في جنونه على وتيره واحدة بل يعلوا شيئاً فشيئاً !
البداية كانت مميزة بفوز برتغالي كان متوقعاً بعيداً عن مفاجآت تشيكيا ، فوزاً متوقعاً لأن البرتغال المتسلحة بطموح رونالدو يبدو أنه تريد إعادة تكرار إنجاز 2004 بالوصول للنهائي ، على الأقل !
مباراة الأمس هي نقطة من ضمن عدة نقاط تخص الدور بأكمله ، عدة نقاط هي قوام المقال التالي في كتاباتي الخاصة باليورو الشرق أوروبية…
“ماذا سأفعل الآن .. هل أمرر كرة أرضية لهوجو أو لكريستيانو ؟ هل أمرر كرة عرضية متوسطة الارتفاع للخبير بالرأسيات هوجو ألميدا ، أم أمررها عالية لينقض عليها رونالدو وليذهب هوجو للجحيم ؟! ليكن ، إنه رونالدو !“
كان هذا هو لسان حال جواو موتينيو أو “لوتينيو” بتمام الدقيقة 79 من مباراة التشيك والبرتغال ، أولى مباريات الأدور الإقصائية أو أدوار خروج المغلوب من بطولة أمم أوروبا “يورو 2012”.
والحقيقة أنه ينتويها ، ظننت هذا واضحاً وما من سمة شكٍ بهذا ، رونالدو بهذه الأيام والأمسيات يفعل كل شيء من أجل هذه الكرة الذهبية ، فبعد جلسة مع النفس وجاكوزي طويل وساخن بعد مباراة الدنمارك التي فازتها البرتغال من دون إل بيتشو ، عرف بشكل كامل انه إن كان يريد البالون دي أورو حقاً فيجب أن يكون هو القائد وهو سبب الفوز ، هو المسيطر وهو الهداف وهو المبادر ، وهكذا فعل.
رونالدو وبعد أن أنهى الإختبار البرتقالي بهدفين إحتاج لنصف ساعة كي يدخل في جو مباراة تشيكيا الخصم العنيد والذي أغلق مناطقه جيداً ، لكن كل هذا لم يجدي نفعاً مع كريس الذي امطر مرمى تشيك بكل أنواع التهديدات ، سدد من بعيد ، سدد من قريب ، سدد بالمقصيات وسدد من ثوابـــت الكرات ، حتى حانت لحظة إختياره رجلاً للمباراة ، تلك اللحظة التي لم يُخذل فيها موتينيو على مخاطرته وطار ونفذ رأسية السمكة بحرفية عالية ، ضربة رأس لخصت كل شيء ووضعته في صدارة الهدافين بالبطولة برصدي ثلاث أهداف بالتساوي مع الروسي الان دجاجوييف ، الكرواتي ماريو ماندجوكيتش علاوةً على ماريو آخر هو الألماني ماريو جوميز.
لكن رونالدو صبراً ، لا يزال هناك بعض التفاصيل الصغيرة لكن مهمة جداً قبل أن نقول أنك تستحق الكرة الذهبية فعلاً ، وكل التفاصيل ستكتمل أمام الفائز من أسبانيا أو حتى فرنسا.
أؤمن بموهبة هذا الكاراجونيس منذ ان ترك الأجواء والنسق المحلي وإلتحق بالانتر بصيف 2003 ، وقتها قال صاحب الـ26 عاماً آنذاك وبإنجليزية ركيكة أيضاً أنها لحظة تاريخية له أن يلعب في الإنترنازيونالي ويتدرب بالإبيانو جينتيلي ، قالها وأختار رقم 26 لأنها سنوات عمره ، ومنذ ذاك الوقت وهو يحب هذا الرقم على صعيد مشواره مع الأندية لأنه العام الذي جاء فيه عرضاً من إنتر ، فكاراجونيس كما تعلون إرتدى ذات الرقم ببنفيكا وبباناثينايكوس أيضاً !
جورجوس كاراجونيس ، الذي أضاع ركلة جزاء بثلاث نقاط أمام بولندا وعوضها بهدف أغلى بثلاث نقاط وتأهل على الدب الروسي ليصبح البطل الأول للإثينيكي “أبناء أثينا وهي كنية المنتخب اليوناني” ، كل هذا مع إنتصاف عقده الرابع بالعمر ، لكنه مازال الأكثر حركة ونشاطاً من بين كل زملائه والأكثر بذلاً للمجهود أيضاً ، جيورجوس لايزال كما هو ولايزال يجري هنا وهناك بدون كلل ويُمرر بحرفية عالية ويتجرأ ويسدد من بعيد ويبذل كل نقطة عرق فوق القميص الاغريقي الأبيض الشهير، لايزال يتحرك بتقنية ممتازة وخبرة كل السنوات ، فيستلم من الجميع ويمرر تحت ضغط أو حتى بدون لكنه يقوم بالحل الامثل دائماً من دون تفلسف “كأجداده“.
المايسترو كاراجونيس كان هو الاكثر شغفـاً في الصفوف اليونانية بتوزيعه كل الأدوار على زملائه وهو ما جعله نقطة المرجعيةللفريق ككل ، كل هذا جيد لكن المشكلة حقاً أنه نال بطاقته الصفراء الثانية أمام روسيا بعد بطاقة أمام بولندا بالافتتاح ، الملك جيو سيغيب وسبرطة باتت مهددة وبديل كاراجونيس هو شاب عديم الخبرة وإسمه ماكوس !
وحقيقة فالبرتغالي فيرناندو سانتوس قام بخطوة جيدة عندما زج بمتوسطه الشاب جريجوريس ماكوس نجم أيك أثينا بديلاً لكاراجونيس لربع ساعة فقط في مباراة التأهل وإقصاء الدب الروسي ، فأجواء البطولة كان يحتاجها بشدة ماكوس الذي لا يملك خبرة عريضة مع القميص اليوناني على الرغم من انه دولياً منذ 4 أعوام ، ماكوس للعلم يملك أرقاماً جيدة هذا الموسم مع أيك اثينا خامس الدوري اليوناني و31 مباراة وهدفين ، لكن أبداً لا تتجرأ وتقارنه ببطل اليورو 2004 !
كان هذا هو لسان حال رأس الحربة القار بالمرينجي كريم بن زيمة بعدما ضربت الإصابة من حوله بأرضية الملعب بالتشكيلة الفرنسية وهما الثنائي فرانك ريبيري وسمير نصري في تدريبات الديوك المسائية أول أمس الأربعاء.
الزميل جيريمي ليم من النسخة الإنجليزية-الهندية من جول.كوم كان سباقاً وذكر قبل الجميع أن جناحي بايرن ميونخ ومانشيستر سيتي والزميلين بمارسيليا بالسابق كلاهما قد يغيبا عن قمة إسبانيا وفرنسا باليورو 2012 بسبب الإصابة ، التي تكون أخف وطأه بالنسبة لنصري لكنها ليست كذلك بالنسبة لريبيري(لمشاهدة الخبر أضغط هنا) !
والحقيقة أن بظل ثبات التشكيلة الفرنسية على تواجد ريبيري بالرواق الأيسر لفرنسا ، فإن لوران بلان لعب بثلاث أجنحة ، وبكل مباراة للديوك بالدور الأول دخل الديك بجناح أيمن جديد مختلف عن المباراة السابقة.
نصري بدأ مباراة إنجلترا في مركز الجناح الأيمن ، لكنه وعلى الرغم من هدفه إلا إنه لم يُقنع البريزدون لوران بلان بالشكل الكافي ، لو لنقل إبتعاده عن مكانه الاصلي وإنضمامه للعمق كثيراً مع كاباي جعل بلان يُفكر في جناح يلعب على الخط ويُدافع بذات قوته الهجومية ، الامر الذي جعله يُشرك مينيز بمباراة أوكرانيا ، والذي لم يُقنعه أيضاً لاسيما وأن مينيز معــروف بإبتعاده عن النسق والخروج عن النص والنهج التكتيكي بأحيانٍ كثيرة !
بلان جرّب أيضاً بآخر المباريات حاتم بن عرفة ، الذي قدم أقل مردود من بين جمميع من شارك بهذا المركز ولهذا سمعنا أخبار مشاكله مع بلان من بعد مباراة السويد ، بل وصل الأمر بأن طلب حاتم من بلان بأن يتم ترحيله لفرنسا إن كانت أدواره إنتهت عند هذا الحد ، وكلمات حاتم لها سبب سنلقي الضوء عليه بآخر الفقرة !
لكن بالعودة لمشكلة الإصابة ذاتها وبحال لو عاد الثنائي قبل القمة أمام الماتادور فأتوقع أن بلان سيدخل بذات نسقه أمام إنجلترا بالشكل “4-1-2-2-1” ، لكنه سيستغنى بكل تأكيد عن مالودا ويرسله للدكة ويضع نجم رين الأوحد يان مافيلا بدلاً منه ، وقد يستغنى عن كاباي أيضاً ويستعيض عنه بخيار أكثر بالميول الدفاعية وهو بلايس ماتويدي متوسط باريس وقائد سانت إتيان السابق.
المشكلة الحقيقية لو غاب أحدهما أو كلاهما ، غياب نصري له حلول كثيرة منها اللعب بمينيز ثاني أفضل الحلول بمركز الجناح الفرنسي ، غياب ريبيري صعب للغاية ووقتها إما أن يُشرك العجوز الغير مقنع فلورين مالودا على الرواق الأيسر كبديل مباشر لغياب ريبيري ، من الممكن أيضاً أن ينقل مينيز أو بن عرفة ، أيهما افضل في اللعب على الرواق الأيسر مع تواجد نصري على اليمين.
غياب الثنائي معاً سيكون ضربة قاصمة ، فإما أن يضع الحلول الركيكة ويجعل قوته الهجومية على الورق فقط وبالحقيقة سيكون الديك الفرنسي “مكسور الجناح” ، أو يُغير الرتم بشكل كامل ويعتمد على اللعب بالعمق ويُخرج فكرة الأجنحة من رأسه ويلعب بثلاثي محاور للإرتكاز وأمامهما صانع أو صانعي للعب وبالأمام كريم بن زيمة وحيداً أو معه أوليفييه جيرو بطل مونبيليه !
نظرياً كل الحلول واردة لكن عملياً فالخيارين سيكونا حلاً مُميتاً !
النقطة الأخيرة وهي مشكلة كبيرة تواجه المنتخب الفرنسي قبيل مباراة أسبانيا وهي مشكلة بعيدة عن ضعف المردود أمام السويد وبعيدة عن إصابة ريبيري ونصري ، هي ببساطة مشكلة متعلقة بإقتراب لوران بلان من الرحيل لتوتنهام بظل عدم تجديد عقده وبظل العرض الكبير من الفريق الشمال لندني ، هي مشكلة كبيرة لأن اللاعيبين ببعض الأحيان يتمردون أو لا يكترثون لتوجيهات المدرب بحال تأكدهم من رحيله ، الأمر الذي ظهر جلياً بمشكلة حاتم !