نشر السيد وزير التجهيز, في خطوة اتسمت بما ظنناه جميعا جرأة و رغبة في محاربة الفساد الريعي و ما يرتبط به من فساد اقتصادي و سياسي, لائحة بعدد كبير (ليس إجماليا) من المستفيدين من رخص النقل, وينتظر في الأيام القليلة أن ينشر نفس الوزير لائحة المستفيدين من مقالع الرمال, الأخيرة التي يشوبها فساد و اختلالات تفوق نظيرتها في لائحة رخص النقل و من المنتظر ان تشهد اللائحة ظهور أسماء تثير ضجة كما أثارتها أسماء المستفيدين من رخص النقل, وقد تواردت الأخبار حول إصلاح شامل يعقب خطوة نشر لوائح المستفيدين من رخص النقل لما فيه تنظيم متزن لقطاع النقل بدفاتر تحملات و واضحة في إطار المنافسة النزيهة, لكن للأسف لم يتحرك الملف إلى الآن, و هاهو السيد الوزير يعتزم نشر لائحة جديدة و بالتالي خوض معركة دونكيشوتية أخرى دون ان ينتهي من الأولى (ان كان بدا فيها أصلا).
إن نشر أي لائحة لاقتصاد الريع لهو أول خطوة اتجاه محاربته و القضاء عليه بشكل تدريجي في إطار إستراتيجية تروم المزاوجة بين الوضع الاقتصادي الراهن و الدفع به نحو اقتصاد وطني مواطن حقيقي, وفي هذا الإطار كان لزاما على الحكومة بمختلف قطاعاتها الشروع في تبني إستراتيجية وليس الاكتفاء بنشر لوائح قطاعية غير تامة لن تعتبر الا دعاية انتخابية و شعبوية زائدة من لدن وزراء العدالة و التنمية خاصة والحكومة عامة(حتى وان لم يكن الأمر كذلك).
لقد خاض العديد من المحللين الاقتصاديين في مسالة اقتصاد الريع في المغرب و صرحوا انه رغم تشعب مدخلاته و مخرجاته و سيطرة لوبي قوي عليه إلا ان هذا الاقتصاد يمكن ان يتم القضاء عليه تدريجيا, وهو الأمر غير المعقد أبدا بالنظر لما قالوا ان هذا الاقتصاد الريعي هو خطوة مرت بها أغلب الاقتصاديات المتطورة كما انه في المغرب لم يصل للدرجة التي يمكن ان تجعل منه غولا لا يمكن أن يتم القضاء عليه, وقد أوردوا كل على حسب اجتهادهم مجموعة إجراءات اقتصادية و تقنية و قانونية استقيت منها ما يلي و يبقى الأمر مفتوحا للتحقيق و التوسع فيها:
سن قانون تنظيمي يحدد بوضوح طرق التعامل مع الاقتصاد بطريقة شاملة لا تميز قطاع دون آخر في إطار قانوني عام يتمفصل حسب كل قطاع و خصوصياته.
توسيع أي لائحة تنشر لتشمل لوائح تضم مختلف التفرعات و التفصيلات لهذا الاقتصاد الريعي المركب الذي لا يمكن النظر له من ناحية دون الأخرى.
العمل على إعداد دراسة متخصصة تحدد مجالات اقتصاد الريع و كيف تم الحصول على الامتيازات في إطاره و كيف يتم التعامل مع هذا الاقتصاد في الإطار المؤسساتي من الناحية التقنية و السياسية .
إظهار رغبة سياسية قوية تحدث قطيعة مع التعاملات الريعية الماضوية و تأجرأ هذه الإرادة السياسية في اطار سن آليات واضحة لكل قطاع بدفاتر تحملات مدروسة و محددة سلف أعدت بطرق تشاركية بين كل المتدخلين في القطاع المختصة و القطاعات المندرجة في إطارها.
إدماج الأنشطة الريعية ضمن المنظومة الاقتصادية, وبالتالي سيجري عليها ما يجري على غيرها سواء في الإطار القانوني أو الآلي و بالتالي إدراجها ضمن قاعدة التنافس الاقتصادي الشفاف الذي يضمن الحق للخاص الذي هو المستفيد الاقتصادي المباشر و يضمن كذلك الحق العام الذي هو استفادة الدولة من مدا خيل مهمة يمنعها منها اقتصاد الريع دون التفريط في جانب الاقتصاد الاجتماعي الذي يبدو انه خطوة لا مناص منها بالنظر الى الحالة الاقتصادية المغربية الراهنة.
ان تبني إستراتيجية شاملة للقضاء على الريع هو السبيل الأمثل لإحقاق اقتصاد متطور و متكامل اما نشر لوائح المستفيدين من الريع فقط فلا يعدو سيدي ان يكون شعبوية اقترفتموها بوعي او بدون وعي.
للتواصل
ياسين گني
الصفحة على الفيس بوك