قلم – ميمون الغربي
تمر الأمة الإسلامية بأحلك مرحلة يشهدها هذا القرن ، والسؤال المطروح في عالمنا المتخلف هو هل يوجد شعب مسلم لا يقتل ، ولا تنتهك حرماته وأعراضه؟ وهل يوجد شعب سلم من النوائب والمصائب داخلية كانت أم خارجية؟ هل يكرم الشباب في بلد ما في العالم الاسلامي؟ هذه الاسئلة المحيرة وغيرها دفعت كثيرا من الشباب الى اليأس والقنوط الذي أوصلهم الى التخلص من أجسادهم التي أصبحت عبئا على أرواحهم.
تطلعنا الجرائد الوطنية يوميا بأخبار عن محاولات إحراق أجساد مجموعة من المعطلين والمعطلات في مختلف مدن المغرب ، وفي كثيرمن مناطق في العالم الاسلامي إستنانا بسنة محمد البوعزيزي الذي أضرم النار في جسده بعدما أحس بالاحتقار والاذلال أمام شرطية ربما هي أقل منه ثقافة وعلما وفكرا بعدما أقلبت عربته وهي مورد رزقه الوحيد ورزق عائلته ،في الوقت التي كان عليها ان تقلب جيوب عائلة بن علي وعائلة الطرابلسي ،فأشعل النار في الشارع العربي وامتدت ألسنة اللهب الثوري حتى اسبانيا واليونان والله أعلم متى واين تنتهي، ولا أعتقد أنها ستننهي قبل أن تأتي على الأخضر واليابس من الطغاة الذين استخفوا قومهم فأطاعوهم طاعة إجبار لا طاعة محبة لعقود طويلة.
اكتوى كثير من مصاصي دماء الشعوب بنار البوعزيزي فبدأوا يتساقطون كأوراق الخريف في ليل عاصف ، وبذلك دخل البوعزيزي التاريخ من بابه الواسع الذي دخل منه الغلام الذي علم أصحاب الأخدود كيف يقتلونه لتحيى الامة بعقيدة صحيحية وبعزة وكرامة وليعلم الناس أن الطغاة والجبابرة الذين نقموا منهم لا بد ان ينتهي بهم الأمر إلى العقود على النار التي قذفوا فيها بالبسطاء بعدما استمتعوا بإذلالهم ( قتل أصحاب الأخدود النارذات الوقود إذ هم عليها قعود وهم على ما يفعلون بالمومنين شهود وما نقموا منهم إلا أن يومنوا بالله العزيز الحميد الذي له ملك السموات والأرض) سورة البروج.
تبع البوعزيزي شباب كثر ونالت الجزائر حصة الأسد من الشباب الذين حاولوا ان يتخلصوا من أجسادهم بعدما بح صوتهم وجفت دموعهم ولم يلتفت إليهم أحد.
أصبحت أجساد الشباب عبئا ثقيلا على أرواحهم لأن هذه الأجساد تحتاج إلى طعام وشراب وزواج، وسكن وحرية وبدون هذه المتطلبلت لا تتحقق الكرامة وهذه سنة الله في خلقه.
كاد ان يصبح إحراق الجسد ظاهرة عربية وحديث الشارع فاختلف الناس حول هذه الظاهرة عالمهم وجاهلهم تحليلا وموقفا.
جمعتني الصدفة بأحدهم وتجاذبنا أطراف الحديث حول هذا الموضوع فطلبت منه رأيه ولم أطلب منه فتوى لأنني كنت على يقين أنه ليس اهلا لها ولا أنا اهل لها ، إلا أنه تجرأ فأفتى قائلا: بالنسبة للجزائرين هذا جائز لأن المادة التي يستعملونها الشباب لإحراق أجسادهم مواد جزائرية مائة في المائة ولا تكلف الدولة أية عملة صعبة لاستيرادها وحتى وإن لم يستعملها الشباب لإحراق أجسادهم فإن الدولة ستشتري بها طائرات سوفياتية لإحراقهم ذات يوم أو إحراق جيرانهم ، أما بالنسبة إلينا نحن المغاربة فإننا لا نملك نفطا ولا غازا وما أحوجنا إلى هذه المواد ولهذا لا يجوز لأن هذه المواد تكلفنا كثيرا من العملة الصعبة لاستيرادها وما أحوجنا الى هذه العملة الصعبة وبالتالي فانه لا يجوز إلا في حالة واحدة كأن يحرق المعطلون أجسادهم دفعة واحدة داخل مولد كهربائي لإنتاج طاقة بديلة حتى وإن كانت غير نظيفة وما أحوجنا إلى طاقة بديلة أو يمكن ان يضرب بعضنا بعضا بالأسماك مثلا أو بالطماطم أو بالبرتقال أو نغرس رؤوسنا داخل أكياس الفسفاط حتى نختنق بهدوء وهذا لا حرج فيه.
يا لها من فتوى غريبـــة. !!!!!!!!!!!!
ومع ذلك فقاتل النفس الى جهنم
الفتنة…حينما يختلط الحق بالباطل ويصير أشعثا غير قابل للمشط، وحتى وإن قدّر و ذهبت لتمشطه فسيتساقط شعر كثير بالأبيض والأسود على الرقبة وفوق الجبين
الإمضاء : حرق الجسد و”حرك” البحر، شهادة أم انتحار؟؟