متاهات في غابة النفوس – عمود أسبوعي حصريا على زايو سيتي
شديد العقاب
قلم – سعيد صغير مربي ومرشد إجتماعي بألمانيا
رفيقان حميمان يذهبان كل يوم الى المدرسة. آه يا ’’مدرستي الحلوة’’، يسميها مصطفى الوردي في عموده. مدرسة حلوة، في بعدها عن دارهما. حلاوة اللعب في طريق يطول أكثرمن ساعة زمنية. لا معلم ولا أب يراقب، ولاأحد من الكبار، قد يخبرهؤلاء عن الحماقات الصبيانية التي ترافقهما طوال الطريق. سلوكات، هفوات، ومتاهات، لا بد للطفل أن يتخطاها من أجل تأسيس شخصية متوازنة. ما أحلاك يا حرية في طريق ’’مدرستي الحلوة’ سكان الدوار كلهم طيبون، من لا يملك السوط يأخذ النعال، ومن حاول الفرار، تتبعه الأحجار.
الدنيا ربيع، شمس ساطعة فوق رأسان صغيران يمشيان في طريقهما إلى المدرسة. نسيم عليل يداعب الوجنتان الورديتان. الحقول والبساتين اكتست حلة الربيع. فستان عشب أخضر تتخلله أزهاربيضاء صفراء وأحيانا حمراء. حشرات وفراشات ترفرف هنا وهناك، لتزيد المحيط رونقا وجمالا.طيورتزف نغماتها الساجية. روائح عطرة يستقيها الأنف من التراب والعشب والأزهار. بعيدا يتجلى البحربعظمته، في منتهاه يعانق السماء في قبلة أبدية.
’’صالح صالح ’إباون إباون’’. ’’ يقصد الفول بالأمازيغية. الجوع لم يكن من دواعي السرقة، بل المغامرة والفضول الصبيانيين هما من كانا وراء هذه الجريمة النكراء. حول صالح نظره نحو الشمال والشرق، ومصلوح نحو الجنوب والغرب، للتأكد من عدم وجود أي مخلوق يمشي على رجلين. لا أحد يتسامح مع مثل هذه الخطة الشيطانية وعقابها شديد، سيط ونعال وأحجار. سكان الدوار كلهم طيبون. يطلبون العفو والرحمة والغفران من القهار. و على أطفالهم يوزعون القسوة والعقاب والاحتقار.
إنحرف الإثنان جنب الطريق، داخلين حقل الفول. ’’ مصلوح ’’سهوا أزليف’’. ’’أهبط برأسك’’ تسائل هذا الأخير في سره: ’’ومتى مشيت مرفوع الرأس’’.إختفيا داخل حقل الفول. وقت الإحساس بالأمان كان جد قصير.
’’أمسا الخير أولادي’’. أحست العمة الصافية بالفزع الشديد الذي إنتاب الطفلان، والحياء الذي استحال معه النظرإلى وجهها البشوش. لو كانت الأرض تسعهم، لدخلاها آمنين مثل الديدان، ليرتاحا من هذه الفضيحة النكراء. ’’ ثلوزم أولادي؟’’ ’’هل أنتم جائعون يا أبنائي؟’’ الإجابة بنعم لا مفر منها في مثل هذه الورطة. ’’ أكذي ثراحم أخام أياوم أوشغ أتتشم’’. ’’ستذهبون معي إلى المنزل لأطعمكم’’. إزداد خوفهما وتخيلا زوجها يحمل سوطاً وهي تحمل نعلاً وهما يقعان أرضاً. تبعا العمة الصافية في هدوء رهيب، كأنهما لمسا رحمة ربانية تنبعث من قلبها الكبير. قدمت مأدبة غذاء على شرف ضيفيها الصغيرين، زادت فيها كرما، لبن، برتقال، وقطع حلوى لذيذة. إجتماع دبلوماسى أفرز إتفاقية لتطبيع العلاقات و حسن الجوار. الخير النابع من قلب العمة صافية كبير وعظيم. إنتصر على الشر والعدوانية القابعين في جوف الطفولة البريئة.
تلقى صالح ومصلوح درساً في الأخلاق لا ينسى. ما أكثر دروس الأخلاق في’’مدرستي الحلوة’’. الله يرانا. العفو عند المقدرة.عاقبة الطمع…… واللائحة طويلة. كل هذه الدروس إختفت فجأة إستحياء وخجلا أمام درس: ’’الرحمة مفتاح القلوب’’ للأستاذة الفاضلة صاحبة القلب الرؤوف الرحيم، التي لا تعرف الكتابة ولا القراءة. ’’عمتي الصافية رحمت من في الأرض يرحمك من في السماء.’’
نجا اللصان الصغيرين من هذا الإنزلاق الخطير، لكن قلبيهما تعلقا بهذه المرأة الفريدة. أحبا كل شيء فيها. أحبا بيتها وحتى البقرة والحمار(حاشاكوم من العنف ضد الصغار). القط والكلب وحتى الدجاج. على ذكر الكلاب(حاشاكوم من الحكرة) فهي تعامل صغارها أحيانا أفضل من الإنسان. عندما يعتدي الجرو الصغيرعلى عمه الكلب الكبير، يغضب هذا الأخير فيهجم بشراسة على الصغير. هنا يحس الجرو بالخطورة و جدية الموقف، فيستلقي على ظهره ثم يتبول قليلا. يتراجع الكلب القوي عن هجومه مهما كانت شدة غضبه، عندما يشم رائحة الطفولة والبرائة في هذا الضعيف. كلاب الدوار كلهم طيبون. ليس لديهم السوط ولا النعل ولا الأحجار، بل بالأنف وحده يجنبون صغارهم الأخطار.
saghir@web.de
بارك الله فيك يااستاد مزيدا من التالق على هدا الموقع المفضل لدينا والسلام عليكم
nice,love to read more,keep going Said,i will be waiting for the next one
….مواضيعكم يا استاد سعيد مشوقة, لانها تنبع مع الاسف من الواقع, بارك الله فيكم
story inspired from the reality,good job
la ta3li9 daiman les histoires dyalak f mostawa (iam looking forward to hairing from your next history) by for now