الأخطاء الست لبيت الحكمة
بيت الحكمة بالأمس ، ليس هو بيت الحكمة اليوم، فبالأمس كان له حكماء وحكمة ، واليوم لا هذا ولا ذاك.بيت الحكمة ،اسم يعود بنا إلى عصر الدولة العباسية وفترتها الذهبية التي حكم فيها المأمون،حيث كان البيت يعج و يأج ويموج بالفكر والمناهج ويزخر بالترجمة ، وكانت فترة المأمون تهيج وتموج بالصراعات المذهبية والعقدية الطاحنة القاتلة أحيانا والمكفرة الضارمة الحارقة أحيانا أخرى ، السنة/الشيعة ، المعتزلة/الخوارج ، الجبرية/المرجئة ، المجسمة/المعطلة…..والشيخ الجبائي والأشعري وأحمد ابن حنبل…،وكانت الترجمة للفكر الإغريقي والروماني والفارسي في عزها.
واليوم بيت الحكمة الذي ترأسه السيدة خديجة الرويسي لا يشتغل على الترجمة ولا على المناهج العقدية والمذهبية التي تعيشها الأمة ، من سلفية وتيارات إسلامية وعلمانية سياسية ، وزوايا… ، بل يشتغل على القيم والحريات الفردية التي تخدم المجتمع الغربي ، وتحارب القيم المغربية الإسلامية . إذ يقر البيت بسموا المواثيق الدولية على كل القوانين السماوية ،وهذا أول أخطاء البيت ، فالأمة المغربية والإسلامية لا شيء يعلو ويسمو فوق قوانينها الشرعية ، وإن علا فيمكن إدراجه في ما يسميه فقهاء المالكية بالمصالح المرسلة ، ويكون العمل بسموه عين الرحمة والحكمة التي قال فيها رسول الله إنها ضالة المؤمن أنا وجدها أخد بها .وما يؤكد هذا الخطأ القاتل للبيت تصريح رئيسة البيت في برنامج على قناة ميدي -1- سات ، في أبريل 2011 بسمو المواثيق الدولية على مواثيق الله ورسوله والمومنين من قرأن وسنة .
كما أقرت خلال هذا البرنامج بأنها مع حرية الإفطار العلني في رمضان، وهذا ثاني أخطاء البيت القاتلة . فلماذا الإفطار العلني والمجاهرة به؟هل لأن صاحبه مريض أم لأنه مسافر؟أم يريد معاكسة عامة الناس الذين أمسكوا عن الطعام منذ الفجر حتى غروب الشمس؟. ستقول صاحبة البيت إنها الحرية الشخصية والحق في الاعتقاد ، فهل يمكن للإنسان أين كان،عاقل أو مجنون،صغير أو كبير، أن يؤدي عاداته و حاجياته البيولوجيا في وسط محطة القطار وعلى مرأى من الناس ؟ أم سيذهب إلى المرحاض أو غرفة النوم؟ إن الحكمة التي ترأسينا بيتها تقول بضرورة احترام الآداب العامة التي اتفق عليها عامة الناس… و زمان كان المغرب بلد يحفظ الحق في التدين ولا يزال.
وقف يوما رجل يهودي من حي الملاح في الرباط يشتري الثمر في شهر رمضان نهارا، وقال للبائع هل هذا الثمر جيد، أجاب البائع وهو يعرفه بأنه يهودي:تفضل وذوق منه ، قال اليهودي :لا أريد أن أكل هنا احتراما للمسلمين الصائمين.أما السيد رئسية البيت فتريد من أبناء المسلمين أن يعلنوا إفطارهم جهارا،وأمام الصائمين بلا وقارا.
وثالث الأخطاء تشجيعها للمثلية في بلد مسلم حين صرحت في البرنامج نفسه بحرية التحكم في الجسد أي من حق الرجل أن يتزوج بالرجل …ومن حق المرأة أن تتزوج بالمرأة …وحق الإجهاض ….وحق تغيير الجنس بإجراء عمليات جراحية ….
ورابع الأخطاء يتطلب منا الكشف عليه رحلة من البيت إلى لجنة الأخلاقيات في حزب الأصالة والمعاصرة،اللجنة التي ترأسها رئيسة البيت أيضا،وبين الحكمة والأخلاق تعارف ومصاهرة ، فالحكمة أم الخلق وطريقه ، والخلق أبو الحكمة وبابها، وهما معا لا يرضيان لأنفسهما مخالفة الآداب العامة على مسمع ومرأى الناس ،وفي واضح النهار. فالتي تنادي بالإفطار العلني هي رئيسة لجنة الأخلاقيات بحزب الأصالة والمعاصرة، فهل الحزب يتبنى هذا التصريح الذي صرحت به رئيسة لجنة الأخلاقيات، أم لا؟ بالنسبة للباحث المتتبع للشؤون السياسية ، يجد في أدبيات حزب الأصالة والمعاصرة ما يعارض هذا التصريح ، فالإسلام في ورقة الحزب دين الدولة الرسمي،وما تقوله رئيسة لجنة الأخلاقيات بالحزب من تصريحات تمس جوهر الدين الإسلامي ، و تمس روح المشروع السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة الذي حرف وبدل لأسباب من قبيل هذه التصريحات.
وخامس الأخطاء أنها عوض أن ترد على انتقاداتنا بردود علمية وفقهية فضلت اتهامنا بقتلها ونعتنا بتكفيرها…..وهذا ليس بالغريب عنها …فهي من طينة أولائك الذين امتازوا بحبك الدسائس للوطن والعرش…كما أنها من أولائك الذين لا يفقهون في الدين ولا يعلمون الضروري منه…لكنهم يحشرون أنفسهم في ميادين لا يمتلكون عدتها وقواعدها وأدبياتها.
وسادس أخطاء البيت بلاغهم الأخير الذي يتهمنا فيه بالربط بينه وبين إسرائيل ،وهذا ما لم يرد قط على لساني أو على صفحات الفايسبوك باسمي …
بكل صراحة كنت انتظر من بيت الحكمة ردا فقهيا مبني بناء عقديا مقاصديا حول مسألتي الإفطار العلني،وحرية التحكم في الجسد….لكن ردود البيت أثبتت فشله في تقديم اجتهادات معاصرة من داخل الفكر الإسلامي …وأتبث قدرة المركز المغربي للقيم والحداثة الكبيرة في مواجهة مثل هذه التصريحات الغير المقننة والمقعدة فقهيا وعقديا.
عبد النبي عيدودي
باحث في الشؤون السياسية والدينية
عيدودي عبدالنبي عضو البام
والباحث في الشؤون السياسية والدينية
ومدير المركز المغربي للقيم والحداثة
يرد على التقرير الكاذب والمزيف
كان النقاش فقهيا وعقديا بين بيت الحكمة والمركز المغربي للقيم والحداثة ،وبين عشية وضحاها زجت به رئيسة البيت في أحضان السياسة حين قدمت استقالتها من البام مدعية بأننا هددناها بالقتل واتهمناها بالكفر….وليس في ادعائها صحة، لأننا لا نكفر أحد بذنب ولا نشهد لأحد بجنة، ولم نهدد أحد بالقتل لا بالقول ولا بالفعل ، ومن أدعى ذلك فعليه أن يلجأ إلى القضاء لإثباته بالحجة والقرائن ،لا بالتصريحات الكاذبة والوشايات المغرضة .
صحيح أن مرجعية المركز المغربي للقيم والحداثة ترفض التبني الأعمى للقيم الغربية كما يصرح بها بيت الحكمة…ومن تم فهو يرفض التصريحات المجانية التي تقدمها رئيسته على الفضائيات مدعية العلم والمعرفة بأصول وقواعد الدين ، وهي منه هباء فارغ التكوين…،فهي حين صرحت على ميدي 1سات في برنامج ملف للنقاش أنها مع حرية التحكم في الجسد….في إشارة إلى تشجيع المثلية ببلد إسلامي ،و أنها مع حرية الإفطار العلني في رمضان….متجاوزة في ذلك النصوص القرآنية القطعية الدلالة في بلد رفع لواء القران أزيد من 1200سنة….، وجدتنا كمركز لها بالمرصاد ،وبالدليل الفقهي والشرعي والقانوني ناظرناها على صفحات الفايسبوك بمقالات كثيرة وغزيرة سلمنا نسخة منها إلى السيد رئيس اللجنة عبدالرحيم مساعد بنهمو…لكن لم يشر إليها في التقرير الذي أوصى فيه بطردنا…
صحيح أن اللجنة أنهت تقريرها بالاستماع للأطراف المعنية بالصراع،لكن كل ما صرحت به أمام اللجنة تم تزويره وتدليسه،فكل ما نشر على الجرائد الالكترونية والورقية لم أقله أمام اللجنة بل فبركه مجموعة من بعض أعضاء اللجنة المتواطئين مع الروسي ومن يدور في فلكها. ما عدى قولي بأنني أشعري العقيدة سني المذهب مؤمن بالمشروع الديمقراطي الحداثي…
صحيح أن اللجنة وقعت في أخطاء منهجية و موضوعية تؤكذ تحامل أغلب أعضاءها على قلم عيدودي عبدالنبي أولا، وعلى أصالة السيد الطاهر شاكر ثانيا… وفي تحاملهم علينا نجد رواسب الماركسية التي طبعت البلاد فترة السيتينات والسبعينات لازالت عالقة في أذهان بعضهم …وكأن الإنصاف والمصالحة لم تشفي غليل هؤلاء …وعليه فهم لايزالون يحنون إلى ماضيهم الأسود رغم طي صفحة الماضي…
الخطأ المنهجي الأول الذي وقعت في اللجنة هو شبهة الاسم،ففي الجلسة الأولى صرح بنهمو بأنها ليست جلسة للتقصي و التحقيق بل هي لجنة للإستماع والتوفيق بين الطرفين… والتقرير يسمها بلجنة التقصي ….وثاني الأخطاء أنا اللجنة لم تستدعيني إلا مرة واحدة فصلت فيها القول …والتقرير يؤكذ غيابي. أربع مرات ،وهذا يدفع المتتبع لتساءل من كان وراء تغييبي عن اللقاءات الأخرى ؟
أخطأت اللجنة حين ربطت بين بورحيم والعيدودي وطاهر شاكر ودكالة…..فأنا غرباوي المنشأ….ريفي الطباع…..صحراوي الذوق والمزاج….كل القبائل إذا ما إجتمعت كانت أنا العيدودي المغربي الأشعري السني المدافع عن إمارة المؤمنين …..وأخطأت اللجنة حين قررت بأنني لا أعارض بورحيم على الفايسبوك….لأنها تريد أن أخوض حرب بالوكالة عن أعضائها…وقد عرضت علي مساومات من طرف السيد التهامي بنعزوز والشاعر صلاح الوديع من أجل الانضمام إليهم وتوجيه قلمي ضد السيد الطاهر شاكر وبورحيم والكور وحازب وعابد شكايل…لكن لم يكن ذلك طبع الدكالي ولا سمت المغربي …ولا صفات الغرباوي…فرفضت عرضهم … لأن المسألة مسألة دين ووطن وملك وشعب….
ومن الأخطاء المنهجية للجنة أنها سربت تقريرها للصحافة متوقعة تشتيت عزمنا وجهودنا…_ لكن انقلب السحر على الساحر _ والله يبطل ما يفكون _ فلم يزدنا ذلك إلا ثبات على الهدى وعلى الطرق الأصيل والمعاصر…لم يزدنا نشرهم لما طبخوه ودبروه بليل إلى قوة وأمل….لم يزدنا ما أعدوا ومكروا إلا صمود وتمسك بالمشروع الديمقراطي الحقيقي…لم يزدنا نشرهم لغسيلهم على صفحات الجرائد إلا إيمان بأن المكتب الوطني والأمانة العامة صمام أمان للمناضلين الأحرار بحزبنا الجديد والمتجدد بشبابه وقياداته ورموزه الصامدة وعلى رأسهم السيد فؤاد عالي الهمة.
ومن الأخطاء الموضوعي التي وقعت فيها اللجنة ، انتهاكها لحرمة المراسلات واطلاعها على لائحة أصدقائي على الفايسبوك حسب ما صرحت به في تقريرها الكاذب والمغلوط…. فالإنسان حر في اختيار أصدقائه ولا أظن أن قانون الأحزاب يحجب العلاقات أو يمنعها … وأنا أعلم أن بيت الحكمة له علاقات مع أجانب يدعمون أنشطته…..وذلك شأنه ونحن منهم متبرءون.
كما أن اللجنة أغفلت ردودي على بنكيران والبقالي ونبيل بن عبدالله وشباط….ولم تذكرها في التقرير وفضلت اتهامي بالتواطء معهم على الحزب….وأحيلكم على صفحات الفايسبوك لتجدوا ما خصصته لهؤلاء من ردود كان حريا باللجنة الإشادة بها بدل التلكؤ وراء مقاطع مفبركة ومزورة تنسبها إلي قصد إسكات صوت …وإقاف قلمي على قول الحق الذي يزعج مصالحهم الزائلة لا محال.
نعم قلتها وأعيدها بنكيران والحمداوي رجلان ملتزمان ومتعاهدان على نسف المشروع الديمقراطي الحداثي للمملكة، و الرويسي وحراسها متفقون على نسف القيم الدينية للمملكة المغربية، ولن تفليح لا الرويسي ولا بنكيران ولا الحمداوي ولا ياسين ولا الطليعة ولا النهج ولا الصهيونية في النيل من هذه المملكة التي صمدت في وجه الغزاة أزيد من ألف سنة ونيف.لن يفلحوا جميعهم لأننا لسنا مجرد هباء …فنحن من أهل هذا الأرض التي أنجبت طارق ابن زياد و عبدالله بن ياسين ورشيد الأوربي ويوسف بن تاشفين….والمكي الناصري والمختار السوسي وبوشعيب الدكالي والشيخ ماء العينين وعلال الفاسي والمهدي بنبركة و عبد الكريم الخطابي ….فجميعهم رفضوا الانجراف وراء الغير وحافظوا على أصولنا وخصوصيتنا وهويتنا الإسلامية المعتدلة…..ونحن على طريقهم سائرون…ولعهدهم راعون….ولمستقبل البلاد _التي ضحوا بأنفسهم وأقلامهم وأموالهم في سبيلها_ حارسون.
ومن أخطاء اللجنة الموضوعية أنها لفقت لي التهم مجانا ،من قبيل مطالبة بإقالة السيد السكوري…فهذا كذب ولم يرد أبدا على صفحات الفايسبوك باسمي… وما كتب عن بورحيم باسمي هو أيضا تلفيق في تلفيق…. أما نعتي بالدفاع عن القيم الإسلامية نيابة عن أخريين فهو سؤال قدمت له جواب واضح وشافي للجنة لكنها أخطأت بعدم كتابتها للجواب في متن التقرير الكاذب واكتفت بالتساؤل عن من يقف وراءي ؟ فأعيد قولها يقف وراءي أرث وطني كبير ،ضارب في عمق التاريخ المغربي الحافل بالبطولات الإسلامية المجيدة ، معركة واد المخازن ومعركة أنوال….وما أحمله في صدري من قرأن ومتون تحفظ لهذه المملكة دينها الإسلامي المعتدل ، والمساير لقضايا العصر ، بمنهج أشعري لا إفراط فيه ولا تفريط، وبقواعد فقه مالك المستوعبة لكل النوازل الجديدة ،وبتربية الإمام الجنيد السالك المهذبة لأخلاقنا وأرواحنا ،وتحت لواء أمير المؤمنين سادس المحمدين ،الحافظ لديننا والضامن لعزتنا ووحدة أرضنا.
نعم إنني أدافع عن القيم الإسلامية كما جاءت في النصوص الإسلامية …وأدعو إلى عصرنتها وتجديدها وفق الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم…وهذا ما عجزت عنه رئيسة البيت ومن يقف معها أو وراءها ….لكن المركز المغربي للقيم والحداثة يسير في هذا الطريق المجدد لقضايا أمتنا والمعاصر لأحولها وشؤونها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والمدنية…. ويفتح أوراش فقهية عقدية حول الكليات الخمس وما يدور في فلكها من قواعد فقهية …وجب الوقوف على أصولها وعللها وأحكامها…قصد تقوية بعضها …ومراجعة بعضها الأخر…وتجاوز بعضها….وفق منهج رزين ومعتدل ،مساير لمستجدات العصر ،ومحافظ على أصول أمتنا ، وثوابت مملكتنا الدينية والوطنية.
نافلة القول: ردي على السيدة الرويسي هي مسألة أكبر من الحزب ، إنها مسألة أصول ودين وأعراف ،لهذا فلا يمكن خندقة نقاش فقهي عقدي في قالب سياسي ،لأن العقيدة أوسع وأشمل ، والساسية تضيق وتنهار أمام المعتقد ،وما حاولت اللجنة أن تجمعه من الحقل العقدي رفقة الرويسي لتستخرج منه ربحا سياسيا لها،لم يسعفها الحظ في ذلك ، لأنها تفتقد التكوين الفقهي والديني….ومن ثم لا يزال الأمر صعبا عصيا عليها وعلى من يرغب في النيل من أصول وأعراف هذه المملكة المحروسة بالقرآن ….القرآن فقط.