متاهات في غابة النفوس – عمود أسبوعي على زايو سيتي
قلم – سعيد صغير مربي ومرشد إجتماعي بألمانيا
الحكاية الخامسة – قلعة المظالم
عند قدم جبل شامخ على جانب الطريق. بيت متواضع من الحجر و التراب و الخشب. يتجلى من بعيد كأنه نمى من الأرض. يشبه في لونه البني الفاتح مرتفعات البسيطة. بأبواب ونوافذ صغيرة في لون أزرق داكن مزينة بإطار أبيض ناصع. يحميه حاجز من صبار شائك و سميك، لا يفتر إلا عند مدخله. أشجار من زيتون و خروب دائمة الإخضرار، تترائى أيام الصيف، كأنها واحة صغيرة في صحراء قاحلة. كلبان من فصيلة ’’بُونَخَّالْ’’ يحرسان هذه البقعه، فلا حظ لغريب في التسلل إلى داخلها دون اشعار أهل البيت بالليل او بالنهار.
الكلبة الغريبة ’’قَزُّو’’ اتخذت من حاجز الصبار الكثيف مخبئا لها. الظاهر أن الكلبان ’’عسَّاسْ’’ و سْبَعْ الليل’’ تفهما موقفها و تعاطفا معها، ثم منحاها حق اللّجوء لأسباب إنسانية. -عفوا حيوانية-. أما صاحب البيت عم حدّو فقد وقف لقزّو بالمرصاد. قرر طردها، دون أن يسأل نفسه، ولو مرة واحدة، عن الأسباب التي تقف وراء هذا الإستعطاف الحيواني المريب. ضن عم حدّو أن من حقه طرد هذه المخلوقة التي تسلطت على بيته، مهددة استقرار الأسرة. إنها تزرع الخوف و الرعب بين الصغار، وتهدد أمن الدواجن التي ألفت العيش هنا في أمان. حاول طردها بقذفها بوابل من الأحجار، التي كانت تتفادى شرها بدخولها في الجحر الذي اتخذته مسكنا لها، في عمق مستعمرتها الصغيرة داخل نبات الصبار. لم يستسغ عم حدّو هذه الوقاحة و هذا التسلط على مملكته من طرف الدخيلة و العدوة اللّذوذة قزّو. استعان بجاره عباس الذي يملك السلاح، ليخلصه من هذه المصيبة التى ألمت به. ترصد عباس حركات المسكينة قزّو. هو الصياد الماهر الذي يحسن القنص، و يصيب الهدف مهما كان دقيقا. عباس لم يفكر ولو ثانية واحدة في مصير قزّو، ولم يراجع نفسه، عن الدافع الحقيقي لقتلها. أهي رغبة في اشباع نزوة القتل و الشعور بالتفوق على خلق الله؟ أم هو مجرد وقوف إلى جانب جاره، لينقذه من هذه الأجنبية التي اتخذت جانباً من بستانه مسكنا لها؟
خرجت المسكينة قزّو من جحرها، بعد أن إشتدّ بها العطش، بسبب الحر القاتل، في هذا اليوم الصيفي الجميل. خرجت لتشرب من يد عباس القاسي، شربة لن تظمأ بعدها أبدا. رصاصة صوبها إلى رأسها أردتها في الحين جثة هامدة. ما أسهل أن تقتل يا عباس ، و لكن من أعطاك الحق في اطفاء شعلة حياة صاغتها مشيئة ربانية؟ تمتع الآن بالمنظر الجميل لجثة قزّو، وهي غارقة في دمها أيها البطل القبيح. إنك تذكرالناس بالتصفيات الجسدية لدى الشعوب البدائية. كما تذكرهم بالهراوات التي تهوى على رؤوس المناضلين من أجل الحرية و الكرامة في كل بقاع العالم. هراوات أو ربما بنادق ’’تفرشخ’’ رؤوس شباب لا يطالبون إلا بلقمة خبز و جرعة ماء… هرع ’’عسَّاسْ’’ و سْبَعْ الليل’’ على وجه السرعة إلى عين المكان، ليعاينوا هذه البشاعة، التي صدرت من أناس يدعون التحظر. تعجبوا لكمية العنف و ضخامة الكراهية التي تصدر من أناس قساة يدعون التدين. إقترب الإثنان من جثة قزو بأنفيهما، ليشما رائحة ’’الحكرة’’ و المنية و دم ممزوج بالتراب، يشبه في رائحته دم ضحايا حوادث السير، الذين يتساقطون كأوراق الخريف، لتختلط دماؤهم بالثرى، على طرق لا تصلح حتى أن تسير فوقها الجمال.
نُقلت جثة قزّو إلى مكان غير بعيد عن الدار. مشى معها ’’عسَّاسْ’’ و سْبَعْ الليل’’ في موكب جنائزي رهيب. ألقيا عليها آخر نظرة، مشيعين إياها في صمت و حزن و ارتباك. سمع عم حدّو بعد حين، عوائا رهيبا ينبعث من المكان الذي كانت قزّو تاوي إليه. عواء و استنجاد من جِراءٍ لم ترى النور بعد. ضاع حنان أمهم و ضاع معها الغذاء و الدفء و الأمان. تبين لعم حدّو هول الجريمة البشعة النكراء التي كان بطلاً لها. الظلم الذي نشره في الأرض يتصاعد كالبخار إلى السماء، مع استنجاد هذه الجراء البريئة ، في اتجاه الأسماع الإلهية. السماء ألفت سماع تأَوهات المستضعفين واستنجادات الأطفال المتخلى عنهم، وأطفال الأسرى المظلومين و أيتام الشهداء. ما أقساك يا عباس وما أجهلك يا حدو….لقد تبين للجميع، أن غريزة الأمومة هي التي جعلت قزّو تُلقي بنفسها إلى التهلكة. تعذر عليها الهروب، لأنها أبت أن تترك فلذات كبدها عرضة للضياع. لم يخطر ببالها أن الإنسان قادر على تصفيتها ببرودة أعصاب، تاركة مجموعة جِراءٍ صغيرة لا حول لهم ولا قوة، ولا ذنب لهم إلا أن أمهم جائها المخاض بالقرب من هذا المكان.
دام حزن’’عَسَّاسْ’’ و سْبَعْ الليل’’ لمدة طويلة.. شبح الظلم الذي ذاقت قزّو وصغارها مرارته، لم يفارقهما ولو للحظة. قزّو وصغارها شهداء هذه الرّقعة الأرضية. وَدَّ عَسَّاسْ تكريم هؤلاء الشهداء. تشاور مع رفيقه سْبَعْ الليل ، فإتفقا على تنصيب صخرة كبيرة على جنب الطريق نقشوا عليها بخط عربي مبين ’’قلعة المظالم’’
saghir@web.de
الأولي – شديد العقاب
https://www.zaiocity.net/?p=17949
الثانية – جمال فاطمة
https://www.zaiocity.net/?p=18807
الثالثة – الحمار السعيد
https://www.zaiocity.net/?p=19457
الرابعة – مأتم الذكريات
https://www.zaiocity.net/?p=20095
انت بحر
لا. قطعت البحر
bravo said mais Ce nest pas seulement les chiens qui souffrent meme Les chiens avec deux……….
iwa d’apres les chiens wa9is 3ala dalika. Said had L’histoire 3ajbatni bzf wakha court mais 3andha ma3ani bazaaaaf merci (mo3jaba bi 9issassik)
إنك تجبرينني على مضاعفة الجهود اكثر، لأنه قد أصبح لي قراء من الجنون
تعليق حلو ولو انه من عالم الجنون
الا انني ساطلب من الناشر ان ينشر إعلانا بعنوان كبير
صغير سعيد له قراء من الجنون
كما نعلم فقهاء الموقع ليتحركو لحمايتي
حفظك الله و رعاك يا جنيتي الصغيرة
waw said ana min badit na9ra mahsablich haka tsali fach wsalt (سمع عم حدّو بعد حين، عوائا رهيبا ينبعث من المكان الذي كانت قزّو تاوي إليه. عواء و استنجاد من جِراءٍ لم ترى النور بعد) la7mi tchawak .
ila khdina man janib ana al insan makay9adarch adorof dyal al akharin had al9issa tanfa3 tkon dars ama al janib al akhar li howa arif9 bil hayawan fa 7addith wala haraj lil asaf nas makayfakroch bali al hayawan hata howa kayhas ila kayastanf3o bih mazian ila la dfa3 al wad.
merci said l had al iltifata
1/ A la fin de la lecture, le lecteur aimerait revoir dans son esprit la pauvre “Kazou” mais l’écrivain (Said Sghir) ne donne aucune indication sur ce personnage qui est pourtant le personnage principal.
Le lecteur aurait bien aimé que l’auteur s’arrête un peu sur la souffrance de “Kazou” et de décrire ses sentiments, sa douleur, sa souffrance , son impuissance à défendre ses enfants.
2/ La progression dramatique est très réussie avec les cris des chiots qui ne savent pas que leur mère ne reviendra jamais et qui par conséquent sont condamnés à une mort certaine ( bravo). Ce qui donne au crime de Haddou et son complice tout son horreur.
Pour terminer c’est très beau, le lieu , la campagne, est évocateur. Le symbôle de la tolérance de “l’acceptance de l’autre” est réussi.
En attendant d’autres histoires, les lecteurs de Zaiocity souhaitent à Said Sghir beaucoup de courage et beaucoup de succés .
شكرا لك عزيزي القاريء على نقدك القيم وملاحظاتك الذكية جدا.ا
أعدك انني آخذها بموضع الجد، وستؤثر لا محالة على الحكايات القادمة.ا
اطلب من الله ان يعينني لأكون عند حسن ضن القراء الأعزاء في كل مكان
iwa graçe a tes super hitoires ghatajbad mo3jabin malkawakib kharij lard kifama kan aslhom machi 3ad ghi man l ard wa ka rissala mal 3alam ljin dyali kangololik Continue ohna kanassanaw ayi jadid mal l 9issas dyalak o kaygololik chhal hadi mahassinach baraha o chahaf bach na9raw l chi katib (ah la da3i li f9ih bach yahmik hna himak ). JANIYA chaghofa li 9iraati 9issassik
شكرا عزيزتي
حكاية وكأنها على لسان ابن المقفع ويمكن تحليل شخصياتها وفك رموز ابطالها الى مستويات متعددة ولكن النتيجة واحة هي كثرة الظلم الذي ينتشر بشكل غريب ، فالحكام يقتلون شعوبهم والشعوب يستضعف بعضها البعض فتنة بين العرقيات والأقليات والمذاهب وغيرها ، نحن نتناحر ونتعارض قد نصل الى الشجار في المقابل اين الذين يدعون الديمقراطية في هذا العالم اين حقوق الشعوب التي دمرتها الاسلحة الغربية في العراق ، باكستان ، اين الانسانية امام مجاعة الصومال ، اين المحاسبة امام نقل النفايات السامة الى العالم الثالث ، اين نحن من كل هذا ظلم وجد منذ زمن طويل فالكل يحافظ على مصالحه الشخصية من الفرد الى الجماعة الى الدولة فالقطب وسر على ذلك ، قد تكون قصتك ضحاياها من الحيوانات وأسماؤها من صميم العرف المغربي ولكن لها مغزى عالمي يمكن تلخيصه في امرين : – حب الذات والظلم
قراءة معمقة وتحليل في المستوى
الحكاية الجديدة في الطريق ،
يوم الأربعاء المقبل
ويوم الأربعاء من كل أسبوع
دمت قارئا ناقدا