حسين مجدوبي القدس
شكل العنصر الأندلسي في الدستور الذي صوت عليه المغاربة الجمعة اعترافا مؤسساتيا بمكون قديم في الهوية المغربية الذي يعيد ارتباطها الحضاري بمنطقة الأندلس، وكانت المفاجأة أن بعض المسلمين الإسبان لم يكتفوا بالترحيب بهذا بل أعلنوا عزمهم مبايعة الملك محمد السادس كأمير للمؤمنين على شاكلة ارتباط المسيحيين الكاثوليك بالفاتيكان.
ورغم الارتباط التاريخي بين الحضارة المغربية والأندلسية لاسيما بعد نهاية الحكم الإسلامي في الأندلس ولجوء مئات الآلاف من الأندلسيين للعيش في حواضر المغرب وقتها مثل الشاون وتطوان وسلا وفاس ووجدة، إلا أن الدولة المغربية خلال العقود الأخيرة لم تخصص مكانة متميزة للعنصر الحضاري الأندلسي. وفي أعقاب تبني المؤسسة الملكية الاعتراف النسبي بالتعددية الإثنية والحضارية في الدستور الجديد وعلى رأسها الأمازيغية، فقد تم التنصيص على الرافد الأندلسي.
ويعتبر الشريف علي الريسوني، أحد علماء مدينة الشاون أبرز المبادرين في هذا الشأن حيث تزعم حملة هادئة ومتواصلة انتهت بدسترة العنصر الأندلسي ضمن الهوية المغربية.
في هذا الصدد قال الريسوني لـ’القدس العربي’ انه بالنسبة للمغرب ‘من الأهمية بما كان أن يتضمن دستوره الجديد البند الذي ينص على إدخال المكون الأندلسي ضمن روافد هويته’، مضيفا أنه ‘بعد نضال مرير وأصوات تطالب بدسترة هذا العنصر استجابت اللجنة الملكية’ المشكلة برئاسة الفقيه القانوني عبد اللطيف المنوني لهذا المطلب فخرج النص الدستوري واضحا في تضمينه هذا المكون الأندلسي الذي طالما انتظره عشاق الأندلس و الباحثون و الدارسون لتراثها.
وأضاف من زاوية البعد الدبلوماسي ‘العنصر الأندلسي هو الوحيد الذي يفتح للمغرب الفضاء الأوروبي، إذ يشكل الجسر الذي يمنحه عامل الامتداد الأوروبي وهذا يعزز من الاعتراف به شريكا جوهريا في إدارة الشأن المتوسطي و التخاطب ما بين ضفتي المتوسط’.
ويبدو أن دسترة العنصر الأندلسي قد أثار اهتمام بعض الإسبان الذين اعتنقوا الإسلام.
في هذا الصدد، يقول المهدي فلورس، اسباني اعتنق الديانة الإسلامية وهو مسؤول العلاقات الخارجية للجنة الإسلامية الإسبانية، في تصريحات للجريدة الالكترونية ‘هيسبريس’ ان ‘ إمارة المؤمنين هي الحجر الأساسي للدولة الإسلامية’.
وأضاف ‘نحن كمسلمين أندلسيين إسبان نتمنى أن تتاح لنا الفرصة لنبايع محمد السادس بوصفه أميرا للمؤمنين دون أن يشكل ذلك حرجا على الدولة الإسبانية. فمثلا الكاثوليكيون الإسبان يبايعون البابا مع أنهم إسبان، وذلك من حقهم. كذلك من حق الشيعة الإسبان أن يوالوا الخميني في إيران، ومن حق الأندلسيين أيضا أن يبايعوا أميرهم في المغرب، فلم يعد هناك أي معنى أن نظل دون ارتباط بإمارة المؤمنين’. وأوضح قائلا ‘وعليه نأمل أن نأتي من الأندلس على شكل وفود، لمبايعة الملك محمد السادس بصفته الدينية وليست السياسية’.
ومضى المهدي فلورس يقول ‘نتمنى أن يتم إحداث معهد ملكي للثقافة الأندلسية على غرار المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. كل هذا من أجل أن يكون لنا ارتباط ثقافي وروحي وجداني بالمغرب’.
ولا يتردد المهدي فلورس في المطالبة بالجنسية المغربية، وقال في هذا الصدد ان المغرب عبارة عن ‘شجرة كبيرة لها ظلال وأغصان وافرة، والجالية المغربية جزء من تلك الشجرة’. واضاف ‘ونحن كمواطنين إسبان مسلمين جزء من هاته الشجرة أيضا، وعليه نطلب من الملك والحكومة المقبلة بعد هذا الدستور الجديد تطوير القوانين ليسهل على احصول الجنسية المغربية المسلمين الإسبان الأندلسيين الذين يريدون أن ينضموا لهاته الأمة المغربية المسلمة الأندلسية’.
وحسب فلورس، اصبح المغرب ‘بالنسبة لنا الوارث الطبيعي للثقافة الأندلسية. نعم نريد اعترافا دستوريا، لكننا نريد أيضا اعترافا روحيا وثقافيا’.
وفاجأت هذه التصريحات الكثير من السياسيين الإسبان الذين لم يعلقوا عليها باستثناء بعض تعاليق المحافظين الرافضين لأي نوع من الارتباط الحضاري بالجار الجنوبي، المغرب