ميدان التحرير ساحة معركة.. والحكومة تشير لتورط جهات خارجية
واجهت الثورة المصرية أمس منعطفاً خطيراً يهدد وصولها لأهدافها الكبرى فمنذ واقعة الجمل الشهيرة التي سبقت تنحي الرئيس مبارك شهدت منطقة وسط القاهرة وميدان التحرير مواجهات عنيفة وتحولت شوارع محمد محمود وباب اللوق والشيخ ريحان وميدان لاظوغلي لساحات حرب خلفت 1036 مصاباً.
وإندلعت المواجهات مساء الثلاثاء بين قوات مكافحة الشغب وقرابة ثلاثة آلاف متظاهر بينهم اسر شهداء الثورة لليوم الثاني على التوالي. وبالرغم من قيام قوات الشرطة بإطلاق القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي إلا أن المتظاهرين نجحوا في تجميع صفوفهم وزحفوا من ميادين البالون بالعجوزة وعبد المنعم رياض والتحرير في محاولة لاقتحام وزارة الداخلية التي طوقت من الجيش والأمن المركزي لمنع وصول المتظاهرين حي لاظوغلي بوسط القاهرة حيث مقر الداخلية حيث قامت عناصر الشرطة بإطلاق الرصاص في الهواء لتفريق الحشود فقام المتظاهرون بإلقاء الحجارة على جنود الشرطة. وقال شهود عيان بأن بعض المتظاهرين كانوا يقذفون قنابل المولوتوف على الشرطة ولم تنجح محاولات قوات الداخلية والجيش في تفريق المتظاهرين واشتعل الموقف حينما هتف هؤلاء مطالبين بإقالة المشير حسين طنطاوي القائد العام للقوات المسلحة ورئيس المجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد كما طالبوا بإقالة منصور العيسوي وزير الداخلية.
واستمر تجمع عدد كبير من المتظاهرين في شارع الشيخ ريحان أمام المدخل المؤدي إلى وزارة الداخلية، حيث انتشرت قوات الأمن المركزي لعمل حواجز أمنية، لمنع هؤلاء المتظاهرين من تخطي الحاجز الأمني والوصول إلى مبنى وزارة الداخلية.
وقامت مجموعات من المتظاهرين بإشعال النيران في إطارات السيارات والأخشاب والمقاعد البلاستيكية محاولين اخترق الحواجز المحيطة بمقر الداخلية.
وأعلنت وزارة الصحة أن عدد المصابين في أحداث التحرير أمس بلغ 1036 مصابا، تم علاج 916 منهم في مكان الأحداث بالميدان، و120 مصابا تم نقلهم بسيارات الإسعاف إلى 8 مستشفيات، وأوضح أنه مازالت في التحرير حتى الآن 23 سيارة إسعاف متمركزة في 3 نقاط، الأولى بجوار الجامعة الامريكية، والثانية بميدان سيمون بوليفار، والثالثة بجوار المتحف. وكشف عادل عدوي مساعد وزير الصحة أن المصابين تم توزيعهم على المستشفيات المختلفة بوسط وشمال القاهرة كالآتي ومن بينهم مصاب ليبي الجنسية يدعى محمد ناجح إبراهيم. واضاف بأن معظم الإصابات كانت جروحا قطعية، وإصابات بطلق رش، وحروق متفرقة بالجسم، وكدمات متفرقة، وتمزق بالأربطة وجروح قطعية بفروة الرأس.
وفي أول رد فعل على الأحداث قال رئيس مجلس الوزراء د. عصام شرف ان هناك سيناريو منظما لنشر الفوضى في ربوع البلاد، داعيا شباب الثورة وغيرهم من أبناء الشعب المصري الى الدفاع عن ثورة 25 يناير المجيدة، فيما دعا المجلس الأعلى للقوات المسلحة الشعب المصري وشباب الثورة الى عدم الانسياق وراء الدعوات التي تهدف الى زعزعة أمن واستقرار البلاد.
ووصف المجلس العسكري ما جرى ويجري في التحرير بالخطط المنظمة والمدروسة التي تهدف لنشر الفوضى والوقيعة بين المؤسسة الأمنية بجناحيها الجيش والشرطة وبين الشعب.
وأشار المجلس في رسالته رقم 65 على صفحته الرئيسية على موقع التواصل الاجتماعي ‘فيسبوك’ الى وجود عناصر تحاول الاستفادة من دماء الشهداء وتنفذ مخططا ‘مدروسا ومنظما’ لزعزعة استقرار البلاد.
وكشف وكيل إدارة الأمن العام اللواء سيد شفيق النقاب عن 9 أشخاص ألقت الشرطة القبض عليهم في مديرية أمن الجيزة وتمت إحالتهم إلى النيابة العسكرية لمباشرة التحقيقات معهم. وأضاف أن الساعات القادمة ستكشف ضلوع أياد خارجية في الأحداث، مشيراً إلى معلومات بدأت تتكشف للأجهزة الأمنية عن وجود مخططات لجهات خارجية، وراء حالة الفوضى والمواجهات الدامية التي اندلعت فجأة لإشعال فتيل الأحداث في ميدان التحرير طيلة يومين.. اضاف ان الأحداث، التي بدأت من مسرح البالون بحي العجوزة ثم انتقلت إلى ميدان عبد المنعم رياض ومنها إلى وزارة الداخلية، يدعم التصور الذي يفيد أطرافا خارجية تسعى لنشر الفتنة داخل البلاد مستغلة الظروف الخاصة التي تمر بها مصر بعد الثورة ولفت إلى أن أحداث مسرح البالون فى الظروف العادية، كان من الممكن احتوائها ولكن تصاعد وتيرة الأحداث على هذا النحو الذي جرى يشير إلى أن هناك مخططاً ما يجري تنفيذه لضرب الاستقرار في مصر.
من جانبها دعت حركة ‘شباب 6 أبريل’، الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء، إلى التظاهر بميدان التحرير يوم 8 تموز (يوليو) المقبل بسبب عدم استجابة المجلس الأعلى للقوات المسلحة لمطالب الثورة التي لم تنفذ بعد ومن بينها عدم استبعاد 7 وزراء رفضوا تنفيذ أهداف الثورة.
وتوجهت الحركة بعدة أسئلة للمجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد منها ‘بأي منطق يموت مصابو الثورة من الإهمال في حين يعالج مبارك في شرم الشيخ بفلوسنا ولماذا التأجيل لماذا تم رفض استقالة الدكتور يحيى الجمل؟ لماذا تتم محاكمة المدنيين عسكرياً في الوقت الذي لم يحاكم أحد من رموز النظام المخلوع الفاسد ولا الضباط المتورطين في قتل المتظاهرين.
وخسر رأس المال السوقي للبورصة المصرية نحو 7 مليارات جنيه في يوم واحد تأثرا بموجة الهبوط التي بدأتها مؤشرات البورصة منذ التعاملات الصباحية امس الأربعاء.
وأشار مراقبون إلى أن أحداث ميدان التحرير أثرت بالسلب على المتعاملين خاصة الأجانب التي تراجعت استثماراتهم أمس. ونفى الدكتور أحمد السمان، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء، أن يكون الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء قد ألغى زيارته المقررة بعد 3 ساعات من الآن لغينيا الاستوائية للمشاركة في قمة الاتحاد الإفريقي التي تستمر ليومين.
وقال إن المشاركة المصرية برئاسة شرف مهمة للغاية، لأن مصر هي ضيف الشرف الرئيسي على القمة، علاوة على المشروعات والقضايا التي سيتم بحثها