قلوب بلا رحمة .. واجساد تحتضر
[ضرب , قسوة , إهمال , حزن, الم], ليست أحداث مسلسل أو فيلم جديد
وإنما هي تلخيص لما يحدث داخل أسوار بعض البيوت المغلقة تحت سقف (العنف الأسري) ,
فالكثير من القصص المتوحشة التي استطاعت أن تخترق جدران المنازل لتقبع في المقابر
أو المستشفيات مخلفة وراءها شخصيات تفتقد للثقة ويتملكها الرعب,
فمن الطفلة (غصون إلى شرعا إلى رهف وأحلام) وأسماء كثيرة عانت من العنف الأسري
على أيدي احد أفراد أسرتهن, بعد أن كانت الأسرة هي الملاذ الآمن والملجئ الدافئ
وأساس الحب والرحمة والسكينة ضاقت على أبناءها , وأصبحت هي محور وأساس ذاكـ العنف
بجميع أشكاله سواء جسدي, نفسي أو جنسي , ففي الفترة الاخيره تزايدت ظاهرة العنف الأسري
واخذ يهدد الكثير من الأسر ويهدم بنيانها.
من هذا المنطلق كسرنا بعض الأسوار ودخلنا إلى تلكـ المنازل لنشاهد بعضا من صور العنف
المعلقة على جدرانها والمنحوتة على زواياها وأركانها, واخذ أراء بعض المختصين.
في البداية التقينا (ياسمين 20 سنه) .. احد المتعرضات للعنف الجسدي والنفسي من قبل والدها..
وترى إن تزايد هذه الظاهرة بسبب الضغوط النفسية والمالية التي يتعرض لها المعتدي أو المتسبب
بالعنف .. وتعلق أسباب فشلها الدراسي وحالتها العصبية الدائمة للعنف الذي تتعرض له..
مما جعلها تفضل عدم الاحتكاك بوالدها في فترة تواجده بالمنزل لتحمي نفسها.
وبدأت (نوال 23سنه) حديثها بتأتأهـ وصوت متردد, بدأت معاناتي مع والدتي بعد وفاة والدي
التي ما إن تراني ما تلبث برمي كل أنواع السب والشتم بلا مبرر, ليكملوا إخوتي العنف النفسي
بالعنف الجسدي , وقد أعربت عن خوفها من طلب المساعدة والرغبة الشديدة في الهروب من المنزل
ومن جانبه أعرب (خالد فهد25 سنه موظف بأحد الشركات) .. وبابتسامته العريضة التي تخفي
وراءها الكثير من المعاناة عن عنف والده بالكلام والتجريح وأسلوب تثبيط الهمة مما جعله
أكثر انطواءاً والابتعاد عن تكوين الصداقات, واعزى أسباب ذلكـ للتربية والمعاناة التي تعرض
لها والده منذ الصغر.
في الجانب الأخر, أخذنا رأي (ترياق السعادة) أخصائية اجتماعية في احد المنتديات ..
حيث أعزت أسباب تزايد هذه الظاهرة إلى انعدام الوعي والتثقيف الأسري
حول أساليب التربية الصحيحة والعجز عن دراسة وحل المشاكل بصورة سليمة,
كما أن انعدام القوانين والمبادئ الأسرية يؤدي إلى تصادم المطالب التي تؤدي إلى الغضب
الذي هو سيد العنف , مخلفا وراءه الكثير من الآثار لدى المتعرضين من تشرد وتأخر دراسي
ومشاكل نفسيه ونقص عاطفي ورغبه في الانتقام والموت في كثير من الأحيان ,
وطالبت بضرورة التوعية والتثقيف وتنمية روح الحب والوفاء داخل الأسر
من خلال بناء مراكز إعادة توجيه وتغيير المسار الفكري لمعنى الأبوة والأمومة ألحقه عند الآباء والأمهات
وتوفير الحياة السليمة والاكتفاء, فالحاجة تولد الخروج عن السيطرة وبالتالي العنف,
وقد شددت على تدخل الدولة بشكل عام وما فيها من وزارت بشكل خاص كوزارة الصحة
و وزارة التنمية الاجتماعية من خلال عدة سبل منها نزع الوصاية عن الولي المسؤول عن هذا العنف
أو المتسبب فيه وهذا لعدم كفاءته و أن يتم تحويل وصاية الطفل لمن يوفر له ما يحتاجه من أمان
والأحسن أن يكون من الأقارب وإن تعذر هذا لا بأس من تحويله إلى المراكز المعنية
و تنظيم حملات توعوية وتسهيل الاستشارات النفسية والاجتماعية والأسرية لمن كان تحت رحمة هذه الظاهرة.
في الختام ..
نرى أن ظاهرة العنف الأسري مازالت متفشية في كثير من المنازل رغم عدم ظهورها
على العلن إما لأسباب عائلية أو اجتماعية وهذا ما يعوق دون معرفتها والقضاء عليها ..
ولكي نمحي هذه الظاهرة لابد من جهد جهيد وتظافر جميع المتخصصين بداية بالدولة
وجميع وزاراتها المختصة إلى المتعرضين للعنف وإلزام الأولياء بعدم تتبع أساليب قاسية
وأساليب ملتوية في تربية الأولاد , ومعاقبة كل من يمارس العنف ليكون عبرة لغيره.