تغطية: جمال أزراغيد
دشنت مؤسسة الأعمال الإجتماعية للتعليم فرع الناظور حلقات “كتاب ومدرس” التي اجترحتها بمعية فرع اتحاد كتاب المغرب وجمعية جسور للبحث في الثقافة والفنون بحفل توقيع ديوان ” غنج المجاز” للشاعر جمال أزراغيد ، وذلك مساء يوم الخميس 26 ماي 2011. هذا الحفل تميز بقراءات نقدية وشعرية ساهم بها نقاد وشعراء من الإقليم.
أدار الحفل الدكتور محمد أمحور الذي رحب بالحضور الكريم الوافد على فضاء المؤسسة، وبالسيد النائب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية ورئيس مصلحة الشؤون التربوية منوها بهذه السنة الحسنة التي يحتفى فيها بالكتاب الإبداعي الذي يبدعه الأساتذة. ثم انتقل إلى التعريف بالشاعر المحتفى به ـ ابن الناظور وكاتب فرع اتحاد كتاب المغرب ـ الذي سبق له أن أصدر باكورته الشعرية سنة 1998 “أسماء بحجم الرؤى”، والتي كانت إيذانا بمسار شعري متميز وحافل بالعطاء والتألق. وهذا ما سيتبلور في كتاباته الشعرية المتواترة في الجرائد والمجلات والمشاركات الوازنة في المهرجانات الشعرية الوطنية إلى أن أصدر ديوانه الثاني ” غنج المجاز” الذي انسابت مجازاته في أزمنة وأمكنة مختلفة.وخلص في الأخير بأن تجربة الشاعر المحتفى به ” تجربة شعرية غنية تنفتح على عوالم شعرية متميزة ، وتتعايش مع أجيال شعرية دون أن تفتقد جدتها وطرافتها وطلاوتها وحلاوتها الشعرية، إنها غنج المجاز” .كما أكد أن هذا الديوان لم يعد ملك الشاعر بل أصبح ملكا للقراء والنقاد على اختلاف مشاربهم الفكرية وحساسياتهم الفنية والإبداعية. ذلك ما سيتولاه النقاد والشعراء الحاضرون.
وبعدئذ تناول الكلمة السيد النائب الإقليمي الذي حيا الحاضرين بحرارة وهنأ الشاعر على هذا الإصدار معبرا عن سعادته لتواجده بين مثقفي ومبدعي المدينة الذين ينتمون إلى حقل التعليم. كما نوه بهذه المبادرة الجميلة التي تم سنها لأنها ستحتفي بالأساتذة المبدعين شعراء وقصاصين ونقاد وكتاب وبإنتاجاتهم الأدبية والفكرية. وأكيد أن هذا سيشجعهم على مواصلة الإبداع والخلقوالتواصل وتبادل التجارب والخبرات..
من جهته ، دعا رئيس جمعية الأعمال الاجتماعية لأسرة التعليم الأستاذ ميمون دوري بالتوفيق للشاعر المحتفى به، ولكافة مبدعي الناظور معتبرا هذا النشاط المنظم للاحتفاء بديوان الشاعر جمال أزراغيد بداية لسلسلة من التظاهرات الثقافية والإبداعية التي سترى النور مستقبلا مما سيزيد أدوارهذه المؤسسة إشعاعا وتألقا.
أما الناقد الدكتور جميل حمداوي فقد تقدم بمداخلة قارب فيها الديوان” غنج المجاز”وفق مقاربة قرائنية. استهلها بفرش نظري عرف فيه المقاربة القرائية أو التلفظية التي تدرس الخطاب الشعري في ضوء المعينات الإشارية، أو تقرأها من خلال القرائن اللغوية، أو تقاربها عبر المؤشرات اللفظية التي تحدد سياق الملفوظ اللغوي واللساني.وهذه المعينات هي ضمائر الشخوص، وأسماء الإشارة، وظروف المكان والزمان، وصيغ القرابة، والتعابير الانفعالية الذاتية. ثم حدد مفهوم المعينات والدراسات التي اهتمت بها وآلياتها، وأنواعها وأقسامها.. وبعد ذلك انتقل إلى الجانب التطبيقي، إذ رأى الديوان طافحا بالقرائن الإشارية الكثيرة التي تدل على حضور الشاعر في الزمان والمكان. ويؤكد هذا مدى اندماج الشاعر وتجذيره سيميائيا في الفضاء التواصلي مقالا ومقاما وسياقا، وحتى القصائد التي تضعف فيها الأنا والذات سرعان ما تنتهي بحضورهما كما في قصيدة “أريج الثناء”.وعندئذ أخضع قصيدة “مقاطع في الحرب” للتطبيق بغية اختبار المقاربة القرائية تصورا وممارسة من جهة، وبنية ودلالة ووظيفة من جهة أخرى.
أما الشاعر الزبير الخياط فقد ساهم بقراءة عاشقة للديوان عنونها بـ:” بدائل الشاعر : قراءة في ديوان الشاعر جمال أزراغيد ” غنج المجاز”.”.استهلها بالتأريخ للتطور والتجديد اللذين عرفهما الشعر العربي إلى أن بلغ تجربة قصيدة النثر. أبرز أن قصيدة النثر تأخر ظهورها في المغرب إلى غاية الثمانينيات من القرن الماضي حيث تحمل جيل هذا العقد مع أحمد بركات ووفاء العمراني ومحمد بوجبيري وجمال الموساوي ثم عبد الدين حمروش وجمال أزراغيد في التسعينيات وغيره وزر هذه القصيدة. ثم عمد إلى تفكيك مكوني عنوان الديوان” غنج المجاز”.فرأى أن الأول يحيل على المرأة بدلالها وأنوثتها،والثاني على الشعر بلغته المتحررة من الحقيقة المباشرة المسطحة.وبذلك يصبح المجاز امرأة تتغنج وتتمنع لأنه يملك قوة الإبهار والإدهاش والغموض والسر ولا ينال إلا بالمكابدة والمغازلة تماما كما تنال المرأة الممتنعة الراغبة التي تمارس فعل الإغواء عبر إشارات الغنج والدلال.إلا أن المرأة عند الشاعر وجود إنساني حاضر في تفاصيله الجوانية والبرانية. وكشف عن طبيعة العلاقة الرابطة بين الشاعر ونصه التي هي علاقة حدسية احتمالية ، إذ في النصوص عوالم غائصة في الجوهر لا تشئ العالم ولكن تستبطنه وتحتويه وتحل فيه بمفهوم الحلاج. ورأى أيضا أن قصيدة الشاعر في شعريتها تتجاوز المنجز الجمالي وتتكئ على جمالية مفتوحة تدهش بجرأتها على المجاز وتدفع به إلى شفير الغموض الجميل ، وتنأى به عن لعبة الاستغماض العقيمة.كما بين أن للشاعر قدرة رهيبة على توطين مفردات في أرض الشعر الباذخة بمعجمها ومنحها شرعية الوجود عبر كيمياء التحول، هكذا تناثرت في قصائد الديوان وانتظمت في سياقها الشعري كلمات الحياة الجديدة بعد أن تعرت من حرفيتها واكتست بزهو المجاز( العولمة ـ الصحون المقعرة ـMSN ـ الهوتمايل ـ فيديو كليب ـ الأوزون ـ الكافتريا ـ أسبرين ـ كورنيش ـ …). ثم بين أن الشاعر رغم تبنيه أحدث الصيغ الحداثية في الشعر العربي إلا انه لم يفرط في بعض الجماليات الشعرية العريقة كالرمز التراثي والبيت الحكمي.. وتتأكد هذه البدائل الجمالية أيضا في الجانب الإيقاعي الذي تخلى عن النسق العروضي لينتقل إلى إيقاع يؤالف فيه ويخالف موظفا مجموعة من الإمكانات الإيقاعية الجديدة.وختم قراءته بالقول: “إن الشاعر طينة حداثية متميزة، خلق بدائله الجمالية صورة وإيقاعا تسنده معرفة جيدة بسر الشعر وكيميائه، وهو حاضر في المشهد الشعري المغربي بنصوصه الشعرية المتألقة”.
أما مداخلة الباحث الدكتور عيسى الدودي المعنونة بـ :” الصورة السينمائية في قصيدة “أسرى الماء” للشاعر جمال ازراغيد” فقد استهلها بالحديث عن انفتاح الشعرالحداثي على عوالم معرفية وفنية مختلفة ، منها السينما كما هو الشأن عند الشعراء : نزار القباني، محمود درويش، أدونيس وعبد العزيز المقالح.ورأى أن هذا التداخل بين الشعر والسينما يمكن أن نرصده بوضوح عند الشاعر جمال أزراغيد في قصيدة “أسرى الماء” من ديوان “غنج المجاز” التي حصلت على ما يبدو قصب السبق لفنيتها وجماليتها العالية من جهة ولارتباطها بحدث الفيضان الذي غمر مدينة الناظور عام 2009.
وحينئذ رصد كيفية توظيف الشاعر الصورة السينمائية في هذه القصيدة على مستوى السيناريو والمشاهد والحركة والإنارة والموسيقى التصويرية والديكور والأكسسوار..
وللإشارة فقد تخللت هذه المقاربات القرائية والنقدية قراءات شعرية بالعربية والأمازيغية ساهم بها الشاعران : نزيهة الزروالي ومحمد العمالي .
وفي الأخير، أعطيت الكلمة للشاعر جمال أزراغيد المحتفى به ليشكر الحضور الكريم والمؤسسة على هذه الاستضافة الكريمة والأساتذة المساهمين في قراءة الديوان . وأكد على تبني فرع اتحاد كتاب المغرب إلى جانب المؤسسة وجمعية جسور حلقات” كتاب ومدرس” وتفعيلها بهدف الاحتفاء بالأساتذة المبدعين بمختلف انشغالاتهم الأدبية في فضاء المؤسسة.ثم تحدث عن تجربته الشعرية التي امتدت على ما يزيد عقدين من الزمن والتي توزعتها الملاحق الثقافية والمجلات الأدبية وطنيا وعربيا، والمهرجانات الشعرية الوطنية. ورأى في هذا الاحتفاء احتفاء بمبدعي المدينة أولا، والوطن بكامله ثانيا، وبرجل وامرأة التعليم اللذين يكابدان من أجل الإبداع رغم صعوبة رسالتهما التعليمية،وليس احتفاء بشخصه المتواضع فقط. ثم أتحف الجمهور بقراءة ثلاثة نصوص شعرية نالت إعجاب الجمهور وصفقوا لها بحرارة ، منها قصيدة “أريج الثناء ” المهداة للمدرسين . وفي ختام الحفل، انتقل إلى مهر ديوانه الشعري بتوقيعاته لأصدقائه ومتلقيه. بذلك، تنتهي الحلقة الأولى بنجاح على أمل أن تقام حلقات جديدة تكريما واحتفاء بالأساتذة المبدعين.
لا تحدف تعليقاتي مرة أخرى يا ايها الأمازيغي الفاشل