ذ.أحمد الجبلي
قال الله تعالى 🙁 إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم إنه كان من المفسدين) وقال : (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض) وقال: (ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون) وقال: ( إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين)
إن فرعون العصر الجديد حسني مبارك وعمر سليمان ومن كان معهما من وزراء وحاشية وهيئات ومؤسسات على رأسها عصابة ” أمن الدولة” كانوا كلهم خاطئين، وأخطاؤهم لم تكن مجرد أخطاء في التسيير أو الإدارة بقدر ما كانت أخطاؤهم تعني الظلم بأبشع معانيه والاستبداد والقهر وتجويع الشعب وتهريب أمواله وأصوله إلى الخارج.
إن جزءا كبيرا من الأفلام المصرية استطاع أن يؤرخ لتاريخ المعاناة لدى الشعب المصري، ومن منا لم يشاهد حقائق مصورة تظهر مصريين ينامون في القبور ويعيشون كالأموات بلا مأوى ويقتاتون على فتات الموائد المترفة، ومن منا لم يشاهد فقراء يتعمدون القيام بأعمال مخالفة للقانون فقط ليحضوا بالدخول إلى السجون نظرا لما فيها من خبز وبعض الأكل، ورأينا كيف أنهم يتركون جزءا من أكلهم لأزواجهم أثناء الزيارة فيوصي الرجل زوجته على أبنائه فيسلمها قطعا من الخبز والفرحة قد علت محياه.
إنها المعاناة..معاناة بعض الشعوب العربية التي رزأت تحت نير احتلال أنظمة أقل ما يقال عنها أنها لم تخطئ في حق شعوبها فحسب، بل ارتكبت جرائم بشعة لا يمكن ترجمتها إلى سيناريو في فيلم إلا إذا كان فيلم رعب يجعل مشاهده لا يستطيع النوم مطلقا من جراء الكوابيس الحقيقية التي فاقت بكثير الكوابيس التي صنعها الاستعمار إبان القرن الماضي.
إن الحديث عن ما فعلته الفرعونية المعاصرة بشعوبها لا يمكن احتسابه مجرد أخطاء لأن ما قامت به يجعل فرعون التاريخ مجرد تلميذ بليد لا يعرف شيئا عن التعذيب كما لا يعرف شيئا عن الأساليب المتنوعة في سرقة الأموال وجمع الثروات على حساب شعب ليس أفضل من الرقيق الذين جلبوا الحجارة من مسافة آلاف الأميال لبناء الأهرامات كقبور للفراعنة.
إن الدكتاتورية الحديثة دكتاتورية متمدنة عصرية تفعل كل شيء بعلم فدرست علم النفس لا لمعالجة المرضى بل لمعرفة المعارضين لها والمتربصين بعروشها، ودرست التاريخ لتقوم بتطوير تلك الوسائل البدائية التي لجأ إليها الفرعون التليد الذي صار مجرد ديكور في متحف يزوره السائح فقط لأنه اشتهر بقبوره الضخمة ورجاله: أولائك المحنطين المهرة.. ولو افترضنا أن فرعونا عصريا سواء كحسني مبارك أو بن علي أو القذافي أو صالح أو ملك البحرين وحتى الأسد وضع في متحف فإن هدف الزيارة سيكون مغايرا بشكل جذري لزيارة رمسيس الثاني أو توت عنخ أمون أو بطليموس. إن زيارة فراعنة القرون السابقة تحمل كل معاني العظمة والإجلال وتذكر بحضارة وعلوم وفنون وابتكار لغة تواصلية مبتكرة وقبور ونعوش ونقوش وهياكل ذهبية خالصة وتحنيط ونحت…لكن زيارة قبور فراعنة العصر سواء الذين رحلوا رحيلا بمفهوم ما أو الذين في طريقهم إلى الرحيل، فزيارتهم ستجعل كل سائح قبل الزيارة يستعد للبصاق على قبورهم وحفظ دعاء باللعنة والعذاب وانتقام الجبار لدماء شعوب أهدرت ظلما وعدوانا، وسينظر إليهم وذاكرته تعيد شريطا من الأحداث الدموية وكأنه ينظر إلى طائرات القذافي وهي تقصف سكان مصراتا وجدابيا ورأس لانوف، وسينظر إلى مرتزقة أفارقة وهم كالكلاب المسعورة تمزق حياء نساء ليبيا وتنهش في أجسادهن لهتك عرضهن..وسينظر إلى تلك السيارة الدبلوماسية الأمريكية التي زعم الأمريكان أنها سرقت وهي تحصد الأرواح بالعشرات دون رحمة أو شفقة..وسينظر إلى بلطجية مبارك بلطجية الخيل والحمير والبغال وهي تضرب بسيوف الظلم والاستبداد الرؤوس والأعناق..وسينظر إلى البوعزيزي محروقا مفحما فقط لأنه أراد كسب قوته بعربته المتواضعة..وسينظر إلى عساكر السعودية والكويت والإمارات والتحالف الخليجي الظالم وهي تحصد أرواح الشعب البحريني الأعزل الذي لم يرد تغيير نظام ولا إسقاط المملكة وكل ما أراده هو أن تحكمه ملكية دستورية لا ملكية متسلطة تحكم فوق القانون بلا قانون ولا دستور. وسينظر إلى نمط جديد من التعذيب وهتك الكرامة وإراقة ماء الوجه من خلال عساكر البعث وهي تعبث بأجساد الشعب السوري الذي يريد التحرر من الاستعباد ويريد أن يختار رئيسه وبرلمانه ويحاسب المرتزقة المفسدين..وسينظر إلى الأسد وسيقول له يا سيادة الرئيس وعدت خيرا فاستبشر السوريون خيرا لكن زاد الشر وزاد الفساد..
إن فرعون العصور الغابرة كان أذكى من ملاحدة هذا العصر عندما قال أنا ربكم الأعلى فعلى الأقل أقر بأنه لابد أن يكون لهذا الوجود إلاه..وهو أفضل بكثير من فراعنة العصر لأنه كان ينكل بطائفة واحدة فقط هي فئة بني إسرائيل ولكن فراعنة العصر ينكلون بكل الشعب دون أدنى تمييز ولا يرقبون فيه إلا ولا ذمة.
ان الله يمهل و لا يهمل لقد جرت سنة الله في خلقه انه عز و جل يمهلهم لما هم فيه من الفساد و الظلم لانفسهم و للناس حتى يتراجعوا فان هم ابدوا اصرارهم و بقاءهم لما هم عليه من غير رجوع ولا توبة اذلهم و افرح قلوب قوم مؤمنين و لنا في التاريخ دليلا من امثال الفرعون…وصولا الى دكتاتور مصر الذي اذل العرب و المسلمين في نظره و قطعا لم يذل الا نفسه و اسرته لما هو يعيشه الان من اذلال و احتقار فيكفي المتكبر ان التاريخ سوف يذكره من الرؤساء المخلوعين من طينة الفار بن علي
نيرون احرق روما و هتلر اراد استعباد العالم وقاد اروبا الى حرب مدمرة فنشأت الدول والامم حق الفيتو للكبار والكبار امريكا وحدها وحق الفيتو يخول لاسرائيل قتل الفلسطينيين يحق لامريكا الدخول في العراق وقتل شعبها واستغلال خيراتها كما يحق لها استغلال ليبيا والكويت وقطر فمن لم يأت بالسياسية يأتي بالسلاح وبذلك تحولت الفرعونية من تصرف فردي الى تصرف دولة ففرعون العالم هي امريكا فمذا فعلنا نحن؟