تستشرف أهم السيناريوهات المتوقعة لسحب البساط عن ” دومينو ” تونس و مصر
كتبه خليل العلوي أسبوعية ماوراء الحدث .
تعديل حكومي موسع أو إدماج العدالة والتنمية في العمل الحكومي
ماهي القرارات التي سيقدم عليها الملك على هامش التطورات الخطيرة في تونس ومصر ؟ هذا هوالسؤال الأكبر في الصالونات السياسية والاقتصادية في الرباط والدار البيضاء، وهو السؤال الذي فرضته طبيعة تعامل العديد من الدول العربية مع أحداث تونس ومصر ،جعلت المراقبين والمعنيين المغاربة يتوقعون أن تصدر قرارات مهمة يعلن عنها ملك البلاد في غضون الأيام القليلة القادمة ،وهي القرارات التي يمكن أن تتقاطع مع بعض التعاليق الواردة في مواقع الكترونية، استعرضت الخطوط العريضة لمطالب اصلاحية صدرت عن جماعة العدل والإحسان ونخص بالذكر التعليقين التالين لأنهما يلخصان بشكل أو آخر رأي الشارع المغربي من أداء النخبة السياسية المغربية وخاصة النخبة البرلمانية والنخبة الحزبية .
– نقرأ في التعليق الأول مايلي : حقيقة يجب على الملك أن يقيل حكومة عائلة الفاسي صاحبة الفضائح و إجراء ثورة ضد المفسدين وأنا متأكد أن جميع الشباب سيكون معه فلنسقط الحكومة، وعاش محمد السادس .
– ونقرأ في التعليق الثاني ، ولايقل أهمية عن الأول مايلي : أنا يساري وطالما واجهت أعضاء جماعة العدل والإحسان في الساحة الجامعية وكانت العداوة بيني وبينهم على أشدها، لكن أمام هذا التراجع الذي بدأ يشهده الخطاب اليساري لامناص من الاصطفاف وراء هاته الدعوات الإصلاحية .
إنذارات سياسية عربية
ولكن قبل التوقف عند أهم السيناريوهات المتوقعة في الساحة المغربية بخصوص تفاعل المؤسسة الملكية مع أحداث تونس ومصر ،لابد من التوقف في عجالة عند أهم التفاعلات العربية مع هذه الأحداث والتي همت أغلب الدول العربية وجعلت من النخبة المغربية الحاكمة معنية بالإعلان عن مبادرات سياسية ينتظرها الرأي العام.
ففي الجزائر مثلا ، أعلن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الخميس الماضي أن حالة الطوارئ المفروضة في البلاد منذ عام 1992 سترفع قريبا جدا ، وكانت الجزائر فرضت حالة الطوارئ في مثل هذا الشهر من سنة 1992 اثر إلغاء نتائج انتخابات نيابية فازت بها الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة حاليا. وقال بوتفليقة أيضا انه ينبغي للحكومة اتخاذ إجراءات جديدة للنهوض بعملية إيجاد وظائف وأن الإذاعة والتلفزيون الجزائريين اللذين تسيطر عليهما الحكومة يشكل مطلق ينبغي أن ينفتحا على كل الأحزاب السياسية والجمعيات الشرعية، كان الخطاب مناسبة لسحب البساط عن تنظيم مسيرات تذكر الجزائريين بمسيرات تونس ومصر ، عندما أعلن بوتفليقة أن المسيرات المحظورة بموجب حالة الطوارئ سيسمح بها في كل مكان ما عدا العاصمة التي سيظل حظر التظاهرات فيها ساري المفعول.
أما في تونس ، فكان من نتائج ثورة الياسمين أن أطلقت يوم السبت الماضي أول محطة فضائية بعد الثورة ن ويتذكر المراقبون أنه قبل الثورة الأخيرة لم تكن هناك سوى القناتان الرسميتان وقنوات خاصة إذاعية وتلفزيونية لم تكن مستقلة بل مساندة للنظام السابق و مسوقة لخطابه بينها قناة – نسمة تي في – و – حنبعل – التي يملكها أحد المقربين من أصهار الرئيس المخلوع.
أما في الأردن، فقد شهدت العلاقة بين السلطة وجماعة الإخوان المسلمين في الأردن مؤخرا تحولا جذريا لم يكن مسبوقا حيث انتقل ملف الحركة الإسلامية من المستوى الأمني إلى المستوى السياسي فورا بعد لقاء نادر هو الأول من نوعه جمع في القصر الملكي العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني شخصيا ووفدا من قيادات الحركة الاسلامية.
ولم يحظ الإسلاميون منذ سنوات طويلة بلقاء منفرد وخاص مع رأس الدولة كما حصل الخميس الماضي على هامش حديث صريح وودي بين الطرفين بعد توتر ارتقى عدة مرات لمستوى القطيعة بين الاسلاميين ومؤسسة القصر طوال السنوات الماضية وخاصة بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة ، ليس هذا وحسب فقد أشار رئيس اللجنة السياسية في حزب جبهة العمل الإسلامي الشيخ زكي بني أرشيد بأن المرحلة اللاحقة ينبغي أن تكون مرحلة حوار مباشر بين النظام والمعارضة وهو ما حصل من الناحية العملية ، مضيفا إن هذا الحوار من متطلبات الاحتياط حتى لا تحصل سيناريوهات تونس ومصر في الساحة الأردنية ، وقد انتهى اللقاء المهم بين قادة الإخوان المسلمين والملك باعتراف ملكي جريء بان مسيرة الإصلاح خلال السنوات العشر الماضية تباطأت وتعثرت كما جاء في بيان صدر عن الديوان الملكي حول اللقاء، وفي الأثناء استعراض الملك مسببات التباطؤ من وجهة نظره وأحالها إلى تردد وخوف المسؤولين سابقا والى ضيق الأفق بين النخب ، وهي المرة الأولى التي يتوجه فيها العاهل الأردني بخطاب نقدي لأداء حكوماته في العقد الماضي.
وفي اليمن أعلن الرئيس علي عبد الصالح عدم ترشحه للانتخابات الرئاسية القادمة، كما أعلن عن عدم ترشح ابنه لمنصب رئيس الجمهورية، وهكذا الحال في اغلب الدول العربية ، باستثناء الصمت الصادر هن الملكيات والإمارات في منطقة الخليج العربي.
بالنسبة للمغرب فهناك مجموعة من السيناريوهات المتوقعة ويمكن أن نلخصها في سيناريوهين اثنين :
غلاب واحجيرة خلفا لعباس الفاسي
لا يخرج السيناريو الأول المتوقع عن إجراء تعديل حكومي موسع، لايستبعد الإطاحة بعباس الفاسي وزيرا أولا، وتعويضه بقيادي من حزب الاستقلال ومن الأسماء المتداولة هذه الأيام كريم غلاب وتوفيق احجيرة باعتبار سن الرجلين مقارنة مع سن عباس الفاسي أو بصلاح الدين مزوار الأمين العام في التجمع الوطني للأحرار والمحسوب على الأصالة والمعاصرة، كما تبين للمراقبين أثناء الصراع على رئاسة التجمع الوطني للأحرار، حيث تأكد أن إطاحة مزوار بمصطفى المنصوري كانت سيناريو محكم اشرف عليه أهل الأصالة والمعاصرة وان أعضاء الحركة التصحيحية في التجمع كانوا مجرد كومبارس سياسي لا اقل ولااكثر.
ومن بين أهم أسباب التعجيل بهذا التعديل تدني شعبية حكومة الفاسي سواء تعلق الأمر بشخص عباس الفاسي نفسه أو أداء بعض الوزراء ومنهم المنتمين إلى الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وخاصة وزير الثقافة الذي يعد حسب اغلب الكتاب والصحافيين مسؤولا مطالبا بالرحيل من طرف القيادات والقواعد في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وهناك إدريس لشكر الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والذي تقف مناوراته وانقلاباته في المواقف وراء تغذية العزوف السياسية وتمييع اللعبة السياسية حيث أصبح نموذجا مغربيا فريدا في الانقلاب 180 درجة في المواقف السياسية وهو الذي كان يدعو إلى ضرورة القيام بإصلاحات دستورية ومواجهة حزب الأصالة والمعاصرة، ويهدد بتحالف الاتحاديين مع العدالة والتنمية الإسلامي من اجل مواجهة الأصالة والمعاصرة ، قبل أن ينقلب اليوم بعد إهدائه كرسي وزارة العلاقة مع البرلمان، إلى داعية للتحالف مع الأصالة والمعاصرة وإغراء أعضاء المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بان الحزب يمكن ان يحصل على 50 مقعدا برلمانيا، إذا قبل بالتحالف مع الأصالة والمعاصرة لمواجهة العدالة والتنمية.
الوزراء الإسلاميون
يثير السيناريو الثاني فزع بعض الأوساط السياسية في المغرب، ولكنه سيناريو قائم نظريا ومعرضا للتفعيل ، لأنه سيساهم في خلط مجموعة من الأوراق ويتعلق الأمر بإدماج العدالة والتنمية في العمل الحكومي بل أن تتجاوز سقف المساندة النقدية التي تبناها الحزب على عهد حكومة عبدالرحمن اليوسفي ومنح مقاعد وزارية لبعض قيادات الحزب.
ومن المنتظر في حال تفعيل هذا السيناريو الذي لا يمكن أن يتعرض عليه الثلاثي المتحكم في الحزب أي عبدالاله بنكيران ومحمد يتيم وعبدالله بها ، أن يساهم في التخفيف من حدة المعارضة الأخلاقية التي يقوم بها الحزب في المؤسسة التشريعية أو في منابره الإعلامية مثل التجديد التي يديرها عمليا عبدالاله بنكيران، كما أن فوائد هذا السيناريو ،ستقوم على انخراط الحزب الإسلامي في تحدي التدبير الحكومي البعيد عن النقد أو التنظير أو المعارضة الكلامية ، وبحكم التجربة التي اكتسبها الحزب في تدبير الجماعات المحلية، واحتكاك قياداته بالمسؤولين وصناع القرار ، فمن غير المستبعد ان يساهم هذا السيناريو في الدفع بأطر الحزب لتجربة تحديات واكراهات العمل الحكومي، ويعتبر هذا المعطى امتحانا ميدانيا شاقا للحزب الاسلامي ، ولكنه امتحان ضروري في نهاية المطاف، لانه من جهة لن يبقى العدالة والتنمية دائما في كرسي المعارضة ، ولانه من جهة ثانية ، هناك قابلية لبعض قياداته لتولي مهام حكومية ، بصرف النظر عن وجود مجموعة من المقاعد الوزارية التي لايمكن ان يتحكم فيها الحزب وفي مقدمتها وزارات السيادة، او وزارة اخرى موازية، مثل التعليم والثقافة مثلا .
ومما يغذي احتمالات هذا السيناريو ، طبيعة القراءات الامريكية للتطورات القائمة في مصر هذه الايام الى درجة جعلت الناطق الرسمي باسم البيت الابيض يصرح بان حكومة جديدة داخل مصر يجب ان تضم كافة اللاعبين غير العلمانيين، اما الكاتب الصحفي كرايغ ويتلوك ، من الواشنطن بوست فقد مرر رسائل مشفرةللانظمة العربية في اليومية المقربة من البيت الابيض ، عندما اشار في مقال صدر له مطلع الاسبوع الجاري الى ان الولايات المتحدة الامريكية تقوم بعملية اعادة تقييم سريعة لعلاقة غير واضحة المعالم مع جماعة الاخوان المسلمين ، الحركة المعارضة التي اثارت ايديولوجيتها الاصولية ريبة لدى واشنطن ، واضاف ان على الرغم من ان الجماعة كان دورها ثانويا في اجتجاجات متصاعدة تهدد بالاطاحة بالرئيس المصري حسني مبارك ، فان مسؤولين امريكيين يعترفون بالواقع السياسي الذي تستعد جماعة الاخوان المسلمين فيه الى الحصول على الاقل على نصيب من السلطة اذا اجريت داخل مصر انتخابات حرة ونزيهة خلال الاشهر القليلة المقبلة.
وعلى الرغم من انه من الناحية الرسمية ، لطالما نات الحكومة الامريكية بنفسها عن الاخوان المسلمين بسبب شكوك بشأن التزامها بمبادئ الديموقراطية ونبد العنف ، ولكن في المقابل ، وعلى مدى اعوام دخل مسؤولون في محادثات سرية مع اعضاء داخل الجماعة في مصر اعترافا بالدعم الشعبي الكبير الذي تحظى به الجماعة .
حقاوي والداودي في الواجهة الحكومية
لاتختلف الامور في الواقع المغربي ، فالسفير الامريكي تدخل مرارا في تدبير ملف محاكمة ندية ياسين كريمة مرشد جماعة العدل والاحسان ، اما اعضاء وقادة العدالة والتنمية فبعضهم لايتردد من السفر الى البلد الشيطان الاكبر – سابقا- من اجل القاء المحاضرات او النهل من الدروس او اشياء اخرى لازالت محطة استفهام المراقبين في المغرب ولكن في جميع الاحوال لايمكن ان نتوقع صدور فيتو امريكي على أي مشاركة افتراضية لحزب العدالة والتنمية في حكومة مغرب ما بعد ثورة تونس ومصر . اذا دهبنا بعيدا في تفاصيل هذا السيناريو الافتراضي ، فانه من المتوقع ان تبرز للوجود بعض الخلافات الشخصية بين اعضاء العدالة والتنمية على الاسماء المرشحة لتولي مقاعد حكومية ، وبحكم ان العدالة والتنمية والتوحيد والاصلاح والتجديد ونقابة الحزب التي تعيش حالة انشقاق هذه الايام ، ومختلف المنظمات التابعة للحزب يتحكم فيها الثلاثي بنكيران ويتيم وبها ، فانه من المنتظر نظريا ان يتولى هذا الثلاثي احدى هذه المقاعد على الاقل لولا ان صناع القرار لايرونا بعين الرضا الاداء المفترض لهذا الثلاثي في كراسي حكومية ليس بسبب هيمنته المطلقة على كل الحزب وفروعه فهذا امر تنظيمي داخلي ويبقى شأن اهل العدالة والتنمية، وانما بسبب تدني شعبية هذا الثلاثي داخل الحزب وتدني شعبيته في الخارج ايضا وحسب مصادر ماوراء الحدث بخصوص تداعيات هذا السيناريو فان الاسماء الاكثر شعبيا داخل وخارج العدالة والتنمية لاتخرج عن الثلاثي سعد الدين العثماني ولحسن الداودي وبسيمة حقاوي. على العموم مستقبل الايام سيوضح افاق تحقق هذا السيناريو او غيره وفي جميع الحالات مالا يستحمل الاختلاف عن الايام القادمة ستشهد اعلان صناع القرار عن قراءات جريئة تجعل المغرب كغيره من الدول العربية منخرطا في اكراهات التعامل الميداني مع دروس ثورتي تونس ومصر .
هذا التحليل السياسي يبقى من وجهة رأيك الخاص ، أما التحليل السياسي لأصحابه الأجدر منك فالعكس وخاصة في هذا الظرف الحساس ، وللبيت رب يحميه كما يقال المثل ، لأن البلاد فيها ملك يعرف ما يفعله في الأوقات الحرجة فهو مستغن عن مثل هذه التحاليل التي لا تريدون بها سوى التأثير عليه ….
هذا التحليل السياسي يبقى من وجهة رأيك الخاص ، أما التحليل السياسي لأصحابه الأجدر منك فالعكس وخاصة في هذا الظرف الحساس ، وللبيت رب يحميه كما يقال المثل ، لأن البلاد فيها ملك يعرف ما يفعله في الأوقات الحرجة فهو مستغن عن مثل هذه التحاليل التي لا تريدون بها سوى التأثير عليه ….