حينما تشعر بالظلم أو بالاحتقار أو بالسخرية أو بنكران الجميل، تثور..
ليس بالضرورة على أحد، أحيانا تثور على نفسك لتكسر الصمت الذي ظل جاثما على لسانك، فمهما كانت طباعك هادئة ونبيلة وصوتك ناعما وعذبا، قد تصاب بانفعال مفاجئ فيرتج بدنك لتغضب وتصرخ وربما تشتم وتكسر ما يحيط بك وقد كسرت حاجزا بين هدوئك وعاصفتك.
أحيانا نتحمل وضعا لا يطاق، فنظل نحمل عبئا تقيلا نظن أننا قادرون على تحمله طويلا، لكن يخوننا صبرنا فنثور كعاصفة غادرة تبعثر كل شيء وتترك خلفها الكثير من الآلام والأرواح المنكسرة، فحينما يوجعك جرح بشدة تعجز عن ضبط النفس أمام إحساس أقوى منك يخص كبرياءك وكرامتك، وحينما تهدأ عاصفتك تستغرب فعلا إن كانت حواسك قد ثارت، أنت الذي لم تتفوه يوما بكلمات عنيفة غاضبة وعشت على هامش الحياة حتى تنجو من أدى الخلق.
نوبات الغضب التي تأتي بعد صمت طويل صعبة جدا، وصرخة من لم يصرخ أبدا لها دوي قوي كصوت الرعد، يربك ويخيف ويفاجئ.. هكذا هي ثورة الحواس حينما تشعر بأن كرامتك بعثرت، وبأنك تلقيت سهاما سامة ظلت عالقة بجسدك دون أن يمد أحد يده ليستأصلها من روحك.
ثورة العباد على الظلم أو الاستغلال رد فعل طبيعي لأجساد تتحمل ما يفوق طاقتها، حينما تتساوى الحياة مع الموت وتصبح الدنيا بلا طعم ولا لون ولا شمس ولا يسمع للشكوى صدى، حينما تداس كرامتك أينما حللت فتشعر بأنك لا تعيش إنسانيتك كما كرمك الله بها، حينما لا تجد من يسند ظهرك فتتوه بلا ملامح ولا وجهة باحثا عن ملاذ فلا تجده.
للظلم طعم مر، وللخيانة جرح لا يلتئم، وللحواس ذاكرة.. لذلك
حينما تعذب دون رأفة تثور، وحينما يخونك قلبك تثور، وحينما تخذلك الأيام تثور، وحينما يعبث بك المستبدون تثور، وفي الثورة تشعر بأنك حر من جديد تدافع ما استطعت عن بقايا كرامة جرحت.
مهما حافظت على هدوئك وصمتك ووداعتك، يشاء القدر أن يعبر أحدهم بمحاذاة طيبتك فيستفزك ويهزك بعنف فتثور، وفي رحلة العودة إلى صمتك تجد أنك فقدت الكثير، فتتوه بداخلك طويلا قبل أن تعود إلى نفسك بجراح غائرة وألم مرير.
يتصادم العباد في ما بينهم لأسباب شتى، المهم أنهم ينتشون حينما يؤذون بعضهم البعض، صراع في كل شيء.. في السياسة والرياضة والسياقة والزواج والحب والصداقة والعمل والطريق، ميول غريب نحو العنف والغضب والانتقام وكأن الحياة فيها ما يكفي من الوقت لنضيعه في الألم، فيما العمر بضعة أيام لا ندري بأي سرعة تمر في غفلة من جبروتنا وأنانيتنا.
ما يقع في تونس والجزائر ومناطق كثيرة من هذا العالم دروس لأخذ العبر كي يظل هذا الوطن آمنا، وما يقع بيننا وبداخلنا يستدعي منا وقفة تأمل علنا نعيش حياة أفضل.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم. موافقاقرأ أكثر
Privacy & Cookies Policy
Privacy Overview
This website uses cookies to improve your experience while you navigate through the website. Out of these, the cookies that are categorized as necessary are stored on your browser as they are essential for the working of basic functionalities of the website. We also use third-party cookies that help us analyze and understand how you use this website. These cookies will be stored in your browser only with your consent. You also have the option to opt-out of these cookies. But opting out of some of these cookies may affect your browsing experience.
Necessary cookies are absolutely essential for the website to function properly. This category only includes cookies that ensures basic functionalities and security features of the website. These cookies do not store any personal information.
Any cookies that may not be particularly necessary for the website to function and is used specifically to collect user personal data via analytics, ads, other embedded contents are termed as non-necessary cookies. It is mandatory to procure user consent prior to running these cookies on your website.