زايو سيتي.نت: ذ .الحسين أجعير
مركز إدارة الشؤون الأهلية وبرج الحمام بزايو :
بعد الثكنة العسكرية التي تعتبر أول منشأة عمرانية ،شيدها المستعمر الإسباني بزايو لتسهيل عملية الغزو والتحكم في المنطقة، فإن مركز الإدارة للشؤون الأهلية يعتبر ثاني منشأة قام بها المستعمر ،وتعتبر هذه المعلمة العمرانية من أهم الموروثات المادية الكولونيالية ذات الصبغة الإدارية والأمنية، وتقع الأن في الحي القديم وهي ذات مقاييس عمرانية وهندسية ولوحات فنية رائعة، حيث بنيت وفق النمط العمراني الإسباني مع تأثيرات عمرانية مغربية واضحة ،وقد شيدت على الربوة المقابلة للربوة التي بنيت عليها الثكنة العسكرية ، هتان الربوتان المتقابلتين والمتشابهتان والمسمتان بالتوأمتين والتي حرفت في اللسان المحلي إلى “التوميات” وهي التسمية التي أطلقت على مركز زايو قبل التدخل الاستعماري الإسباني، اما عن سنة بنائها فالروايات المحلية وبعض الكتابات ترجعها إلى قبل سنة 1914، حيث يشير الباحث الاسباني “فيسنتي مارتاغول” في كتابه السابق (المقال الاول) ” …وفي المقابل قامت شرطة الأهالي ببناء مركز التدخل والملحقات التابعة لها…” (صفحة 7).
وكان المركز يتكون من عدة مرافق إدارية مخصصة للجانب الإداري والأمني ، هذا فضلا عن سكن للمراقب المحلي، الذي كان يتولى عملية الضبط الامني والتسيير الاداري بمساعدة قائد محلي وخليفته وفرقة من القوات المساعدة ( سيتحول المركز بعد الاستقلال إلى مقر لقيادة زايو ثم إلى باشوية ).
ويعتبر مركز إدارة الشؤون الأهلية بزايو لوحة فنية رائعة نظرا لطابعها العمراني والهندسي المميز لمرافقها وجدرانها المزينة بالزليج المغربي الأصيل ومما زادها جمالا أنها تنتهي من الناحية الغربية ببرج طويل كان مخصصا لتربية الحمام والذي كان يأوي المئات من هذا الحيوان الوديع وكان هديره يملأ المكان إلى عهد قريب ،ويتصف هذا البرج بجمالية منقطعة النظير نظرا لمقايسسه واشكاله الهندسية الرائعة ، حيث يتوفر في الداخل على بيوتات منظمة ومصففة بشكل بديع مخصصة لمبيت وتوالد” رمز السلام ” ، وتشير الروايات المحلية أن الحمام كان يملأ سماء زايو خلال فترات معينة من اليوم، جيئا وذهابا بعد رحلات عدة إلى الجبال و السهول المجاورة ، وعليه فإن برج الحمام يعتبر بحق أهم وأجمل الموروثات الكولونيالية المادية ،مما جعل الكثير من أبناء زايو يعتبرونه أيقونة زايو ورمزا تراثيا من رموز المدينة المعبرة عن السلام والتسامح والتعايش ، ولهذا في انهم لم يبتعدوا عن الصواب عندما اقترحوها كشعار لمدينة زايو ، ولكن ومع الأسف فإن أيادي التخريب نالت منها ومن إدارة الشؤون الأهلية ، الشي الكثير، حيث تم اقتلاع وتدمير باب المنارة وهدم عدة اجزاء من السور الواقي لها .
وهذا ما جعل المجتمع المدني وبعض الفعاليات المحلية تتحرك من أجل الضغط على أصحاب القرار بغية إعادة الإعتبار لهذه المعلمة التاريخية وللذاكرة المحلية ، والتي من شأنها أن تذكر الأجيال القادمة أن أناسا مروا من هنا ،وقد استبشرنا خيرا عندما سمعنا أن وزارة الثقافة ستعمل على دراسة امكانية ادراجها ضمن الاثار المزمع ترميمها… والله أعلم .