رحــــــيل مفـــــاجــــئ
بسم الله الرحمن الرحيم
كان شوقي الى الكتابة يعتمل بداخلي في كل مرة فيزداد اتقادا رغم انشغالي الشديد، وحنيني الى نسج قصص جديدة ربما جعلني أتحين الفرصة المناسبة لذلك و كأن الكتابة ملاذي الى شيء من الهدوء النفسي ، لكني سأتوقف اليوم لحظة للذكرى لأستحضر حدثا…
لم يكن يتردد في تقديم يد العون والمساعدة لكل من التجأ اليه، لم يبخل على أحد بوقوفه الانساني الى جنب كل من احتاج اليه عندما يعز السند في ظروف الفاقة والحاجة، بشوشا تراه مبتسم الثغر متفائلا ، متواضعا محبا للخير مسارعا اليه ، فكان أن امتلك قلوب كل من عرفه وقلوب زملائه في المستشفى بالناظور أين كان يشتغل ممرضا .
كان يدرك تماما أنه مهما أحب الحياة فلابد ان يأتي يوم للرحيل ، هكذا كان يقنع نفسه وزوجته خصوصا وأنه كان يعاني من أزمات قلبية من حين لآخر ، لكن سرعان ما كانت تزول تلك الأعراض ليعود الى حالته الطبيعية بمساعدة الادوية وكأن شيئا لم يكن.
في ذلك اليوم المشمس الربيعي، عاد من عمله كعادته من دون ان يلحظ أي أحد من أفراد عائلته تغيرا أو تبدلا على وجهه، احتضن طفله الصغير في حنو فجلس بينهم من غير أن يخطر ببالهم أن هذا آخر يوم سيجمعهم به.
فجأة، أحس بغصة في حلقه وبشيء يعتمل في صدره، فاستنجد بصديقه من أجل نقله على وجه السرعة الى المستشفى لتلقي العلاجات الضرورية انقاذا لحياته، خلال الطريق…ولما أحس باقتراب أجله…رفع السبابة للشهادة …أثار المشهد صديقه فزاد من سرعة السيارة و بقي كذلك حتى بلوغ مدخل المستشفى ،هرع اليه زملاؤه وعدد من الممرضين والمنعشين…، وعبثا حاولوا اسعافه بكل ما اوتوا من خبرة، لكنه كان قد فارق الحياة. اصيبوا بالذهول والحيرة ولسان حالهم يقول : لقد كان الرجل بيننا قبل قليل فكيف عاد الينا جثة هامدة ؟
صحيح أن القلم سيرفع عن أي سلوك او كلام يقال في تلك اللحظة، لان موته شكل صدمة ومفاجأة حزينة لم يكن أحد يتوقعها لا من طرفهم هم ولا حتى من طرف عائلته الصغيرة أوالكبيرة ، فعم الحزن كبيرا ليملأ القلوب وسالت دموع غزيرة على كل الخدود وعلا الشحوب كل الوجوه ألما لفراقه، فماذا عسى للمرء في تلك اللحظات الصعبة أن يفعل غير الصبر والرضا بقضاء الله وقدره، ويسلم بأن لكل أجل كتاب.
حل يوم الدفن أكثر حزنا، ولعل أصدق لحظة تلك التي تكون فيها أمام جسد ساكن لشخص فتتذكر الأيام التي جمعتك به وكأنه لم يعش يوما وأنت تلقي عليه نظرات أخيرة، وصحيح أيضا ان دموعك ستنهمر حزنا لفراقه أيضا لكن لا تنسى أن تستوعب درسا مفاذه أن مصير كل انسان الموت ، وأنه مهما طال بقاؤك فأنت يوما الى الله راجع فتذكر أن تراجع نفسك أولا قبل أن تحاسب، ومراجعة النفس تقتضي تقوى الله في السر والعلن و اتباع أوامره واجتناب نواهيه لنيل رضاه والفوز بالجنة، لأن لا أحد يعلم متى سيتوفانا الأجل غير الله تعالى.
رحمك الله يا خالي برحمته الواسعة وجعل مثواك الجنة ، وجزاك عن كل عمل خير أسديته خير الجزاء. آمــــين.
والحمد لله رب العالمين.
اللهم اجعله في عليين في جوار النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.امين
اللهم ارحم خالي رحمة واسعة وزد في إحسانه وتجاوز عن سيئاته، وأسكنه الفردوس الأعلى يا أرحم الراحمين.
قد تكون الموت انتقالا و قد تكون بداية لحياة جديدة.
نتحول و لا نمون.
او نموت لنحيى
او نولد لنموت
لكنها في كل الأحوال فراق مر
تحياتي لكاتبة زايو
لالا حسناء