أنا وأنت في جزيرة صغيرة وسط بحر كبير، أمواجه عالية، صوته مخيف، قارب نجاتنا الوحيد محطم، نقف وقفة تأمل، هل هناك أمل لعودتنا؟ هل نصنع قاربا جديدا ثم نبحر في الأعالي ونتحدى تلك الأمواج العاتية؟ هل نستطيع تحدي الطبيعة القاسية؟
مهلا!
تراودني فكرة جنونية، سنحاول التأقلم مع الظروف الحالية لأننا جزء منها، سنبدأ أولا بصنع تماثيل خشبية نزين بها أرجاء جزيرتنا، وبين كل تمثال وتمثال سنوقد نارا قوية، سنحصل في الأخير على ألسن لهبية ودخان قوي يجعل طيور وحيوانات الجزيرة تهاجر بعيدا، ثم سنلعب لعبة!
عن أي لعبة تتحدث؟
سنلعب لعبة البراري، سنلعب لعبة الطغيان وسنتمرد على كل القيود الإنسانية، سنصل إلى أقصى درجات الشر سنصل إلى السادية!
هل إلى هذه الدرجة لعبتك وحشية صديقي؟
لعبتنا… لعبتك… ولعبتهم تعتمد على الجهل وتفشي مرض الهمجية!
الهمجية!
أي نعم! اصنع جيلا غير متعلم، أسلبه طموحه، عاقبه على تفكيره، ثم زج به في مُحَول كبير يجرده من إنسانيته، في نهاية الأمر ستحصل على منتوج مشوه، دعه يرتكب من الحماقات ما يشاء ثم أعدم وجوده!
عن أي جيل تتحدث ونحن اثنين على هذه الجزيرة؟
اثنين! أنت لا ترى الآخرين، لا تسمع أهازيجهم لسبب بسيط، عالمنـــــا وعالمهــــم مختلف، نحن من ندير اللعبة نتحكم في قواعدها، في أحيائها… أمواتها.
وما علاقة اللعبة بوجودي؟
أنت جزء من هذه اللعبة، سأعلمك قواعد الهمجية وتفكير السادية وكيفية نزع قناع الإنسانية، ستفترس ضحاياك بكل وحشية.
وحشية… سادية…. وتجرد من الإنسانية!!
نعم! أنظر هناك بين تلك التلال، أنا وأنت، خرير الأنهار، زقزقة الطيور، هدوء يسود المكان، أمن وأمان، وفجأة سنحرك ريحا عاتية تجعل من المكان عبثيا، سيسود الظلام، ثم سننقض على فريستنا البريئة التي حلمت بحياة سرمدية، سنجعل السماء غارقة في السواد، سندمر الجمال سنحرق الطبيعة.
وبعدها!
سنشعل نارا قوية، سنصنع في محولنا وحوشا ضارية تنعدم فيها الإنسانية، وحوش لا تعرف سوى ارتكاب أفعال عدوانية، ثم أنا وأنت سنلعب لعبتنا!
لعبتنا… لعبتكم… لعبتهم تعتمد على الهمجية! قواعدها واضحة، فقط كن جاهلا بالمعرفة، انفصل عن إنسانيتك، افتح الباب لغرائزك الوحشية، سنعطيك مهلة ثم نعدم وجودك!
وبعدها!
بعدها، سنقول إنك حيوان متوحش صنعته البرية، سنوزع صورك على أرجاء الجزيرة، سنعلقها على الأشجار وسنرميها في جداول الأنهار لتصل إلى أبعد الحدود، وسيعرف الجميع أننا خلصنا الإنسانية من شر الهمجية.
وأنت!
أنا صانع الألعاب وأنت الضحية، عزلتك عن عالم المعرفة، عن طموحك، لأنك مجرد لعبة غبية…