بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد.
أيها الاخوة والأخوات زوار موقع زايو سيتي.نت مرحبا بكم في الحلقة الثالثة وهي بعنوان” التأثر بالقرآن”.
إن الله سبحانه وتعالى يأمرنا بقراءة القرآن وتدبره والتأثر به.
قال الله تعالى في سورة الزمر: (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله).
وقال تعالى في سورة الحشر: (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله، وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون).
وأكثر الناس تأثرأ بكلام الله، هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإحساسه بالقرآن إحساس مميز، وتأثره تأثر مميز، لا يدانيه إحساس أحد من البشر مهما علا مقامه في الزهد والورع والتقرب إلى الله، لم لا؟ ورسول الله صلى الله عليه وسلم
هو الذي نزل عليه القرآن، وتلقاه من لدن حكيم عليم.
هذا القرآن ثقيل قوي، لم يأتمن الله عليه إلا جبريل عليه السلام: القوي الأمين ( نزل به الروح الأمين) سورة الشعراء
وقال تعالى في سورة التكوير: (ذِيْ قُوَّةٍ عِنْدَ ذِيْ الْعَرْشِ مَكِيْن)
( إنَّا سَنُلْقِيْ عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيْلا ً)وقال تعالى في سورة المزمل:
عن القاسم: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لابن مسعود: اقرأ علي. قال، أقرأ عليك، وعليك أنـزل؟ قال: إني أحب أن
أسمعه من غيري. قال: فقرأ ابن مسعود النساء حتى بلغ: ” فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهادا”فقال: حسبك الآن، فالتفت فإذا عيناه تذرفان. أي تدمعان
إن الله لا يظلم عباده مثقال ذرة، فكيف بهم إذا جاء من كل أمة برسول يشهد على أمته، بتصديقها رسلها أو تكذيبها وجاء بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم يشهد على أمته.
أما أبو بكرالصديق رضي الله عنه فكان رجلا بكاءً لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن، ولقد أفزع ذلك أشراف قريش من المشركين، فأرسلواإلى ابن الدغنة فقدم عليهم، فقالوا: إنا كنا أجرنا أبا بكر بجوارك على أن يعبد ربه في داره، فقد جاوز ذلك، فابتنى مسجدًا في فناء داره، فأعلن بالصلاة والقراءة فيه، وإنا قد خشينا أن يفتن ساءنا وأبناءنا فانهه.
وأما عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقد سمع رجلا يتهجد بالليل ويقرأ سورة الطور فلما بلغ إلى قوله تعالى ( إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع) ، قال عمر: قسم ورب الكعبة حق، ثم رجع إلى منزله فمرض شهرا يعوده الناس لا يدرون ما مرضه.
وكان عمر رضي الله عنه يقرأ في صلاة الفجر سورة يوسف، لكن لما يصل إلى هذه الآية: ( إنما أشكو بثي وحزني إلى الله)
يبكي ويشتد بكاؤه حتى تنقطع قراءته ويسمع من خلفه نشيجه.
فهل يمكن أن يتأثر العبد بالقرآن قبل أن يصفو قلبه؟ إن قسوة القلب ومرضه يعطل أدوات تأثره بالقرآن، وهل يمكن تذوق الماء في كأس متسخة.
هذا هو الأصل إذا كان القلب قاسيا أو مريضا ولكن لم يمت بالكلية بل بقي منه جزء حي، فإن الأحداث التي تمر بالإنسان قد تفتح له آفاقا في فهم القرآن والتأثر به.
– يقول أحد الدعاة: رأيت مغنيا مشهورا طالما فتن الشباب والفتيات،، قررت أن لا أدعه حتى أنصحه، فسلمت عليه وألهمني الله أن ألقي على أذنه شيئا من القرآن دون أن يسمعه غيره، فقرأت في أذنه هذه الآية الكريمة من سورة البروج
( إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ)
ثم ذهبت، والله ما مرت أيام إلا وخبر توبته في الصحف، فربما لمسَت تلك الآية جزءاً ليناً في قلبه فاستجاب لها.
– شاب يصلي لكنه مبتلى بفاحشة لا يستطيع الفكاك منها، وفي ساعة ما وهو يقرأ سورة يوسف وصل إلى قوله تعالى:
( كذلك لنصرف عته السوء والفحشاء إنه من عبادنا الصالحين)، فحركت الآية قلبه وتأمل فيها طويلا، ثم رجع إلى نفسه يلومها: لو كنت مخلصا لصرف الله عني الفحشاء والسوء، فتغير حاله وجاهد نفسه على الإخلاص حتى تاب، وكان تأثره بالقرآن سبب هدايته.
أخيرا يقول الله تعالى في سورة الأنفال: ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا ..).
هكذا يجب علينا أن نتأثر بالقرآن الكريم وأسأل الله تعالى أن يزيدنا قرباً من آياته في تلاوتها وتدبرها والعمل بها، اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.