لندع الثقافة المعرفية والفكرية تتقدم، لندع العلوم التكنولوجيا تزدهر إلى أبعد مدى وأعمقه، والعقل الإنساني يوسع مداركه دون قيد وبقدر ما يشتهي، فأبعد من رفعة الثقافة الإنسانية وأخلاقها وأخلاقياتها، كما تشع في التربية والتعليم والثقافة، فإنه لن يستطيع التغير أبدا.
ولأن من النّذالة أنْ يأكل الإنسان بدينه كما قال الجنيد، فلا بد من تقديم التهاني والتبريكات للإنسانية جمعاء لإخوتنا النصارى والمسيح، أرثوذوكسيين وكاثوليكيين وبروتستانتيين، بمناسبة عيد ميلاد السيد المسيح عيسى ابن مريم ((عليه الصلاة والسلام)) والذي جعله الله رمزاً للسلام، قال تعالى على لسان السيد المسيح “السَّلامُ عَلَىَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيٍّا”، والمساهم بشكل أكبر في تغير الحركية التاريخية.
علينا ألا ننسى أولئك الذين خرجوا من المعاقين فكريا وذوي الاحتياجات الخاصة معرفيا وهؤلاء الذين سيخرجون من الأفظاظ غلاظ القلوب والروح ليحرموا ويرفضوا ويعارضوا، بل ومنهم من يكفر ويُبَدِّعُ أي إنسان عايد إخوته المواطنين كما جاء في سورة البقرة {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}.
لست إلا إنسانا اِسْتَدْخَلَ قيما وأفكارا وقواعد ومعلومات عبر تنشئة اجتماعية بنسخة مغربية محضة؛ حيث لا اختلاف بين خطيب وفقيه مع عالم اجتماع على تعدد وتنوع وغنى روافد الثقافات في المغرب كان له الأثر المحمود، بالرغم مما هو موجود، في وعلى اختلاف تدين المغاربة شكلا ومضمونا، لذلك كلما تعددت الأديان في مجتمعنا، اختلفت مظاهر التدين عندنا تفكيرا وتعاملا وأسلوبا بغض النظر عن كونك يهوديا أو بهائيا أو مسيحيا أو مسلما أو لاأدريا الخ.
ومع تغلغل تيار السلفية الوهابية، التي يطبق أصحابها مقولة باروخ “أو مبارك = ميمون” سبينوزا في كتابه رسالة في اللاهوت والسياسة والتي تقول: لا تفسر النص المقدس أيها الإنسان العادي. الكنيسة تفسره لك، داخل البلاد وفي الجامعات والمساجد، بل وفي بعض الإذاعات الوطنية والقنوات العمومية وحتى في بعض الفضاءات الخدماتية، وكل هذا تحت أعين جهاز الدولة المحتضنة لقساوسة الفكر المتطرف وحاخامات الأحزاب المتأسلفة والمتأخونة، كان من نتائجه تغيير وتغير في جوهر تطبع وطبيعة التدين لدى المغاربة، بتدنٍ وسقوط أخلاقي وانهيار الضمير في مقابل تدين قشري ومظهري تم تجسيده في جلباب ونقاب وحجاب دون نسيان اللحية مع أن لا الجلباب ولا النقاب ولا الحجاب ولا اللحية ركن من أركان الدين ولا فرض من فرائض الإسلام.
الجميل أن تستمع لمن يوافقك رأيك ومبادئك ونظرتك للحياة في الماضي والحاضر فقط، وآمل ألا يكون في المستقبل، لكن الأجمل أن تعرف أن الوقت قد حان لتزيل تلك الإطارات وتبدأ بالإستماع لكل من اختلف وخالفك الرأي والتفكير لتجد وساعة في الحياة، فالخلافات الدائمة قطيعة والموافقات المستمرة خديعة ومن يزعم غير ذلك فجزما له مصالح غير إنسانية.
فمثلما يُترك بعض الطعام الساخن فوق المائدة يبرد قليلا ليسهل عليك أكله، اترك خلافك واختلافك يهدأ قليلا ليسهل عليك حله، ولذلك قيل إن أجمل النفـوس من لا تنكر المعروف رغم شـدة الاختلاف والخلاف، لا تطلب مني أن أكون حياديا، فلكل إنسان منا رأيه، ولك أنت حرية الإختلاف؛ اختلف، لكن لا تنس وأنت تخالف وتختلف أنك تعبر عن رأيك فقط. وبأسلوب إختلافك تعبر عن أخلاقك.
أخيرا، معضلة الفكر الإلغائي أنه يبدأ من تصورات مغلقة عن الطبيعة الإلهية والطبيعة الإنسانية وعلاقة كل منهما بالأخرى، ثم يتناول النصوص الدينية جاعلا إياها تنطق بتلك التصورات والعقائد التي يريدها. وبعبارة أخرى، نجد المعنى والفهم مفروضا على النصوص من خارجها، وهو حتما معنى إنساني تاريخي يحاول الفكر الديني دائما التحرر منه ولكن الفكر الإلغائي يلبسه لباسا ميتافيزيقيا ليضفي عليه طابع الأبدية والسرمدية في آن واحد.
الإنسانية هي الحل.