زايو سيتي.نت سعيد قدوري
موستار.. من لم يسمع بهذا الاسم ؟!، من لم يزر المدينة التي لاحقت وتلقى اهتماما عالميا منذ عدة سنوات، على الصعد السياحية والثقافية والسياسية.. موستار مدينة الأسرار في زمن البوح، كما يقولون، فهي لا تبعد سوى 25 كيلومترا عن البحر الادرياتيكي، مما جعل الكثيرين يتساءلون عن سر هذه المسافة، قبل أسرارها الحضارية والثقافية والتاريخية الأخرى.
فهذه مسافة تثير التعجب إلى حد القلق. وقد تعددت التفسيرات التاريخية لذلك بين جعلها قريبة من التجمعات السكانية البوسنية الأخرى كيابلانيتسا مثلا، لتسهيل الدفاع عنها، وقد أثبتت الحرب الأخيرة قوة ذلك التفسير، وبين جعلها نموذجا للتعايش بين مختلف مكونات البوسنة الاثنية، وهو ما يحاول المجتمع الأهلي والدولي إرساءه بعد الحرب 1992/ 1995
وتنقسم مدينة موستار إلى قسمين هما موستار الشرقية والغالبية العظمى من سكانها بوشناقا مسلمين وموستار الغربية وهي أحياء جديدة تمت إقامتها في الفترة اليوغسلافية وجلب إليها الكروات من أماكن مختلفة داخل كرواتيا والبوسنة. لكن الحركة السياحية متمركزة في موستار الشرقية. ولا يمكن زيارة موستار والاطلاع على معالمها التاريخية من دون زيارة نبع «بونا» وهو اسم النهر المتفجر من تحت الارض بمياهه الباردة صيفا والحارة شتاء ويستهلك منه 43 ألف متر مكعب في الثانية.
أما الطقس في موستار فهو شبيه بأجواء البحر الابيض المتوسط، ففي الشتاء تكون موستار ملجأ للفارين من زمهرير أشهر نوفمبر وديسمبر ويناير وفبراير وتكون قمة الجمال في مارس. فعندما تتكدس الثلوج في سراييفو التي يطلق عليها اسم ثلاجة أوروبا، تتمتع موستار بجو مشمس هادئ ولطيف في أغلب الاحيان، لذلك لا يسأم السياح والسكان أجواء الكآبة التي تنبعث مع الضباب أو استمرار تهاطل الثلوج والامطار، فهناك البديل موستار لمن مل التزحلق على هضاب سراييفو أومنحدرات بيها.
وقد زاد من اهتمام السياح بموستار الشرقية وضع جسرها التاريخي في يوليو 2005 على قائمة التراث الانساني من قبل اليونسكو. وهو جسر يحمل دلالات فلسفية
مناقضة لفسلفة الجدران الكريهة المعبرة عن المقابر والانقطاع والكراهية والتقوقع والغيتوهات سواء للذات أو للآخر، بينما تعني الجسور التواصل والتفاهم والتعايش والحوار، بل والمودة. وتضم موستارأحياء عتيقة، ومساجد وتكايا وآثار إسلامية عريقة، كل هذا يشكل في نظر الجميع معالم تاريخية ذات أهمية حضارية وقيمة إنسانية كبيرة تستحق أن توضع على قائمة اليونيسكو.
وكانت مدينة موستار التي دمرتها الحرب وتعرضت للتقسيم العرقي يزورها ما بين 20 ألف و25 ألف سائح سنويا لمشاهدة القوس المحطم للجسر التاريخي. وسجل نحو 300 ألف زيارة للسياحة عام 2004، و50 ألفا عام 2005، ووصل العدد إلى 750 ألفا بنهاية عام 2006 ويقدر عدد من زار موستار حتى شهر يوليو 2007 بأكثر من مليون سائح. وتعتبر السياحة بمثابة الحافز لإنشاءات أخرى، وافتتاح فنادق جديدة ومطاعم وغير ذلك من الأعمال في موستار وضواحيها.