زايو سيتي.نت عادل شكراني
سنتذكر خلال أيام شهر رمضان المبارك أسماء مبدعة في عدة مجالات ، من مخنلف أحياء ومدن المغرب ، سطع وهيجها خلال فترات زمنية سابقة، مبدعون من طراز عالي .
ولأن اللائحة لن تكون تامة بالقطع ، سنحاول أن تذكر من خلال هذه الحلقات أسماء حازت الإعجاب محليا وشعبيا ممن تسنى للجريدة الرقمية زايو ستي .نت ، الحصول على معلومات وافية عن مسيرتهم .
أول المبدعين : الروائي عبد الغني عارف .
رواية ” مرايا الظلال “: كاميرا ترصد تفاصيل الأمكنة وأسرار الشخوص
يستعيد عبد الغني عارف مع قرائه الزمن الماضي والمكان الماضي ، في رواية ” مرايا الظلال ” مؤمنا بأن استعادة الزمن السابق والأماكن أيضا هو فعل إيمان بالمستقبل ، وإصرار على التغلب على الضعف والمآسي والفواجع .
في رواية ” مرايا الظلال” يتابع الروائي المغربي عبد الغني عارف معاركه الأدبية والفكرية ، ليشمل الوطن والحرية والحلم والذكريات والحب .فالحب هو التيمة الغالبة على الرواية لا يقتصر على حق الإنسان في أن يحب ويكون محبوبا وأن يختار توأم روحه ورفيق عمره ، بل يشمل الإيجاب والسلب ، أن تختار من تريده رفيقا للطريق وأن يكون لك الحق أن تقول له وداعا فقد انتهت القصة ، إذا آكتشفت أن توقعاتك وأحلامك لم تكن في موضعها .
عبد الغني عارف روائي وفنان فيما يكتبه ويبدعه ، ويتمتع بقدرة غير عادية على تحويل كل ما يتناوله من يوميات الحياة أو شؤونها العميقة إلى سرد مشوق جذاب يشد القارئ إليه بقوة ، وهو قادر على أن يحمل القارئ معه ، أو ينفذ به من الشأن العادي إلى العميق الإنساني وهذا ما يتضح جليا من خلال روايته .
يحضر المكان بقوة وبشكل دال داخل النسيج العام للرواية مما ولد الشعور بالغربة داخل الذات وخارجها وكأن الروائي يحاول صبر أغوار الزمن الذي يمتح من فضاءات متعددة ، ومن أمكنة مختلفة ، فمن أزيلال إلى بني ملال إلى وجدة ثم الرباط والدار البيضاء وغيرها من المدن .
تتمدد المسافات بين هذه الذات التائهة معلنة رفضها العيش على الحافة ، إذ جالت وآرتحلت وسافرت من أجل وصول غايتها .
لابد من تأجج الذكريات ، فالذكرى حجرة عثرة في سبيل النسيان ، والروائي عبد الغني عارف لم ينس مسقط رأسه ” أزيلال ” ، تلك المدينة التاريخ والحب والذكريات واليتم والمناظر الخلابة ، أبدا لم ينس قمم الأطلس المتوسط والأطلس الكبير ، وشلالات أزود ، إنها عتبة الذكرى التي أوصلت عارف إلى مدارج الشوق والحنين إلى المهد ومسقط الرأس .
ولأن رواية ” مرايا الظلال” تغرس مخالبها في ذات كل قارئ بجمالية أسلوبها وكلماتها ، فإنها أيضا تطويع للذات والأماكن والوطن والحلم والحب ، حتى تقدر على رسم الوجوه والأقنعة ، تلك إذن هي المرايا التي تعكس صورة المجتمع وتصوره كما هو ،حيث الأشكال والأقنعة تتساقط مثل شظايا قنديل ليل مظلم ، وفي ظل كل هذا السفر في الوجوه والشخوص ” حليمة – لالة ربيعة – ياسين …
يختار عارف كاميرا ” السرد” لرصد كل التفاصيل وكل الأسرار المحيطة بهذه الشخوص .
إن رواية ” مرايا الظلال” تعبر عن حالة أدبية تتموقع بين الذات والذكرى والحب والحلم ، تتحدث عن فضاءات مختلفة ” القشلة – السوق -… ، تيمتها الحب والحرية والكرامة والعيش بهناء، هي رواية ظلت مخلصة لنسقها الأدبي متقدة من الأحاسيس ، وقد كان عبد الغني عارف ، مؤمنا بضرورة الإنخراط الكلي في عمق الكتابة الأدبية ” السرد” ، عبر لغة شفيفة بسيطة في مفرداتها معبرة عن أحلام وآهات وذكريات وأحاسيس مفعمة بالحب والوصال ، مؤسسة لعالم تكتنفه الذات بين ” مرايا وظلال ” .
لله درك يا شكراني، لقد حملني ما كتبته عن رواية صديقي العزيز و أخي الفاضل عبد الغاني عارف الى زمن لا استطيع محوه من ذاكرتي ، عصي على النسيان، ثابت في العقل و الوجدان ، مرحلة اواخر السبعينيات من القرن الماضي حينما كنا صديقين نتابع دراستنا بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بوجدة بكد و اجتهاد ، نرسم معا تفاصيل ما نأمل تحقيقه بعد حصولنا على الإجازة في اللغة العربية و آدابها ، فقد كنت وفيا بوعدك حينما واصلت النضال من أجل بناء صرح مغرب ديمقراطي و الوقوف الى جانب الفقراء و المستضعفين في الأرض، ولم يغب عنك الهاجس التربوي و لم تهمشه البتة إذ كنت المشرف على تأليف الكتاب المدرسي في اللغة العربية للجذوع المشتركة للتعليم الثانوي التأهيلي، جذع التعليم الأصيل و جذع الآداب و العلوم الإنسانية، و سررت كثيرا باختيار هذا الكتاب في جهتي لتدريسه للتلاميذ ، و لا ينبغي أن انسى أنك كنت معي نتحمل مسؤولية تسيير تعاضدية طلبة كلية الآداب بوجدة في إطار الاتحاد الوطني لطلبة المغرب…
أصدق تهانئي بمناسبة ظهور هذا العمل الروائي لك، واصدق تحياتي لك و لأسرتك الكريمة. شكرا للصديق عادل شكراني على تحريضه لي لذكر حق لا ينبغي ان يطويه النسيان.
تحية لك الاستاذ أقليد على مرورك الحسن .