و هو كاظم فعلا، لا تخطئ العين من قسمات وجهه أنه يكظم شيئاً، و بصعوبة بالغة طوال نهار رمضان، فإن كان
الثواب على قدر المشقة فملامحه توحي إلى الناظر أنه و لا شك أكبرنا ثوابا و لا يفوت نظرتي التجريبية إليه أن
أقرأ معالم الحرمان من الإدمان، و هو ليس مدمن فحسب، بل هو مدمن طعام كذلك فيما أعلمه عنه و فيما يذيع به
قوامه السمين و شحمه السميك و بطنه الكبير. و لولا أن الدين عنده جد لا هزل لما أمنت عليه أن يفرط في صيام
رمضان. و أسوا أوفاته قرب المغرب فهو لا يكاد يتماسك و كأنه حاقن المتانة لا يطيق أن يصبر، حتى إذا انطلق
الإفطار انطلق الرجل و كأنه سهم يطير من قوس مشدودة، و سلك مسلك من يجعل ليله انتقاما من نهاره
وفطره انتفاضا من صومه، و كأن له عشر معدات لا معدة واحدة، و هو في غير رمضان يدخن ثلاثين
سيجارة في اليوم و في رمضان يدخن أكثر بكثير من ذلك في الليل.و يحار فكري في أمر زميلي الأستاذ
كاظم فهو من وجهة نظري قد أدى الصيام تماما فليس من مطعن شرعي على صيامه و هو في المساء لم
يأكل إلا حلالا فليست من طعن شرعي على طعامه و شرابه فإذا حاكمت كاظم إلى حكمة الصوم و درسه
و موعظته لم تملك إلا الشعور بأنها فاتت على الرجل أو فوتها على نفسه فأين ما استفاد من درس
كبح جماع النفس و السيطرة عليها ؟ و أين هو من الحديث الذي يقول : (( ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه ))
فإن كان لا محالة فاعلا فثلث لطعامه و ثلث لشرابه و ثلث لنفسه، و أين هو في تدخينه من الآية الكريمة : (( و لا
تلقوا بأيديكم إلى التهلكة )) و إذا كانت الحكمة في رمضان أن تكسر شهوتنا أرى الأستاذ كاظما يدخر شهواته
و لا يكسرها و لا يحاول أن يروض الوحش و لكنه ويحبسه و يجيعه ليجعله ساعة يطلقه من حبسه أشد انقضاضا
و أفتك افتراسا و يا ليت زميلي الأستاذ كاظما خرج من رمضان بالصوم و بالدرس معا، كما خرج الأستاذ رمضان في
احسنت يا استاذ يحسن الله اليك
احسنت يا استاذ موضوع رائع
لم تترك لي المجال للتعليق متألق شكرا على المواضيع الجيدة