كما هو معلوم فالانسان ليس معصوما من الخطأ , وبما أن الحكومات يشرف على سيرها وزراء يشكلون حكومة تدوم صلاحيتها من 4 الى 5 سنوات , فقد يظهر بعد حين أن بعض المواقف لملفات حساسة كانت التخمينات و التقديرات و الاختيارات والتوجهات بصددها غير سليمة .
هذه الظاهرة ليست محصورة على بلد دون آخر , بل يمكن أن يرتكبها أي كان بغض النظر عن الاخصائيين وأصحاب النظريات النيرة .
المغرب بدوره لم يسلم من هذه القاعدة . ويعني ذالك أن هناك ملفات مغربية تم علاجها بطرق غير سليمة , وفي مقدمتها مشكلة الصحراء المسترجعة , فرغم أن المغرب ميدانيا يعم فوق جميع المناطق الجنوبية الصحراوية , فاٍنه لم يول العناية الكاملة لاحتواء قلوب سكان المغاربة الصحراويين , ورغم مرور أزيد من 30 سنة بقيت الاستراتيجية مركزة على البنيات التحتية والامن الوطني وهو عمل جبار يحسب له , لكن غياب برامج مزج القبائل المغربية فيما بينها , خاصة بالمناطق الجنوبية , تبقى من أكبر النقط التي غابت عن البال , وربما يرجع ذالك الى ضئالة المستشارين في المسائل الجيو سياسية المحلية .
لقد كان مثلا أولى بوزارات مثل السكنى والتعمير والتخطيط والاقتصاد والداخلية أن توجه كبير اهتمامها الى اٍعفاء الشركات التي تريد الاستثمار في المناطق الجنوبية من الضرائب لخلق مناصب الشغل بذات المنطقة , وبالتالي وبطرق تحفيزية مغرية تعمل الدولة على ترغيب وتشجيع سكان مناطق الداخل الانتقال الى المناطق الجنوبية , حتى يقع امتزاج عرقي مع مرور السنين وتعدو الساكنة مخضرمة.
على مستوى الاعلام , وبعد استرجاع الصحراء سنة 1975 وقع تهاون بائن على مستوى التعريف بالمناطق الجنوبية وخصائصها , خاصة التنمية الانسانية , أقول التنمية الانسانية , وهي درجة أعلى بقليل من التنمية البشرية , لانها تحاول مواكبة المشاعر والاحساس على مهل مقنن.
الحديث عن الدبلوماسية الموازية يجرنا الى الحديث عن المجتمع المدني ومكوناته , الشيئ الذي يفضي الى حرية الاعلام والوصول الى المعلومة , وهنا وجبت الاشارة أن الجمعيات المغربية المتواجدة بالخارج لا تستفيد من الوسائل المتاحة بأوروبا لمتابعة ملفات الجالية أو الملفات التي تهم قضايا المغرب , وهو الكلام الذي رددناه في مناسبات عدة, وبالمناسبة أرفع الى علم الجميع أن مجلس الجالية الذي هو النواة الاولى وصلة وصل بين المغاربة المقيمين بالخارج والمغرب بصفة عامة , كما أنه الرابط بين المجتمع المدني – الجمعيات – والدبلوماسية الموازية والتسويق الاستراتيجي لازال الى غاية كتابة هذه السطور بدون سند قانوني , حيث انقضت مدة الانتداب ما يزيد عن سنة , ولا كلام عن اٍعادة تكوينه , وبهذا يكون لمجلس الجالية حجة دامغة تخوله أن يتبوء مكانة ضمن ملفات مغربية تم علاجها بطرق غير سليمة, بل هناك فرص فوق طابق من ذهب ضائعة , كاٍحداث قناة مغربية بمواصفات عالمية , يكون طاقمها من أفراد الجالية المغربية المبثوثة في خمس قارات , والتي تجيد لغات مختلفة والتي لها من المؤهلات ما يجعلها في مستوى التطلعات الدولية على مستوى الاعلام الرقمي بالصوت والصورة , اٍضافة الى الارباح المادية التي يمكن جنيها من الخدمات المصاحبة لذات المشروع .
نفس الكلام وبصيغة مخالفة جاء مؤخرا على لسان السيد سعد الدين العثماني وزير الخارجية المغربية , وهو ما يبرهن أن هناك ملفات مغربية تم علاجها بطرق غير سليمةفي ميادين مختلفة .
الاشكالية الكبرى التي يعوم فيها المغرب هي الفكر المتشبع بثقافة المادة , والتي لها علاقة وطيدة بالشأن العام في عامة مناحيه . مما يغيب ثقافة الاقلاع والنهوض والمبادئ والصالح العام .
في العمران مثلا , يقع في المغرب تهافث لا مثيل له في جميع المدن المغربية على اقنتاء بقع أرضية ‘قابلة للبناء , وعلى مرأى الوزارات المتعاقبة ومجالس البلديات يتم هتك جل الحدائق العمومية وتحويلها الى عمارات وبنايات دون مراعاة للمساحات الخضراء التي هي جزء من العمران ذاته .
أتوقف عند هذا الحدث , وأظن أن المعنى قد ظهرت , ولا أرى داعيا للدخول في تفاصيل الظواهر والملفات والخطط التي تشوبها نواقص وتعتريها اٍجراءات غير صائبة وغير متعمدة .
محمد بونوار من المانيا
كاتب ومستشار ثقافي